وبين المشركين تُفَاوض، وأحد المراسيل حضر عند
النَّبِي صلى الله عليه وسلم يتفاوض معه فرأى الصحابة يقدرون الرَّسُول صلى الله
عليه وسلم تمام التقدير ويحترمونه، فأعجبه ذلك، وكان صلى الله عليه وسلم لا يتنخم
نخامة من فمه الشريف صلى الله عليه وسلم إلا ابتدروها وأخذوها ودلكوا بها جلودهم
تبركًا بذلك وهذا دليل: على أن ما انفصل من جسد الرَّسُول صلى الله عليه وسلم
يتبرك به من الريق ومن الشعر ومن العَرَق، أمَّا أن يتبرك بحجرته أو بجدار قبره
فهذا لا يجوز، وكذلك التبرك بقبر الرَّسُول صلى الله عليه وسلم بدعة ووسيلة إلى
الشرك، وكانوا إذا قال: شيئًا استمعوا إلى قوله، وإذا توضأ، وهذا محل
الشاهد: ابتدروا إلى الماء الذي يتساقط منه صلى الله عليه وسلم يتبركون به،
فأعجب هذا الرجل ما رأى ورجع إلى قومه وأخبرهم، وقال: ما رأيت الملوك وما رأيت
الرؤساء مثل هذا الرجل مع قومه، فنقل لهم هذا المشهد العظيم، وانتهى الأمر بالصلح
بين الرَّسُول صلى الله عليه وسلم وبين المشركين على أن يرجع هذه السَنَة ثم يعود
عليه الصلاة والسلام من العام القادم ويعتمر وتم الصلح بينه وبينهم على وضع القتال
بينه وبينهم فحصل الفرج للمستضعفين الذين في مكة والذين يريدون الإسلام، ولا يمنع
أحد أن يُسلم بموجب الصلح فصار هذا الصلح فتحًا عظيما فقال تعالى: ﴿إِنَّا فَتَحۡنَا
لَكَ فَتۡحٗا مُّبِينٗا﴾
[الفتح: 1] أي: صلح الحديبية، وهو قبل فتح مكة فصار فيه الخير للمسلمين؛ لكن
الشاهد منها قضية أنَّهم يبتدرون إلى وضوئه صلى الله عليه وسلم فدل على طهارة
الماء المستعمل، وأمَّا التبرك بماء وضوئه، فهذا خاص بالرَّسُول صلى الله عليه وسلم
فكل ما نفصل من جسمه يتبرك به، وكذا ملابسه صلى الله عليه وسلم، وأما التبرك
بالآثار من المساكن والمنازل التي نزل فيها صلى الله عليه وسلم، فهذا لا يجوز؛ لأن
الصحابة كانوا لا يفعلون ذلك، ولأن هذا وسيلة إلى الشرك.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد