×
الاختصار في التعليق على منتقى الأخبار الجزء الأول

بَابُ تَيَمُّمِ الْجُنُبِ لَلْجَرْحِ

****

عَنْ جَابِرٍ قَالَ: خَرَجْنَا فِي سَفَرٍ فَأَصَابَ رَجُلا مِنَّا حَجَرٌ فَشَجَّهُ فِي رَأْسِهِ ثُمَّ احْتَلَمَ، فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ هَلْ تَجِدُونَ لِي رُخْصَةً فِي التَّيَمُّمِ؟ فَقَالُوا: مَا نَجِدُ لَك رُخْصَةً وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ، فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَ بِذَلِكَ، فَقَالَ: «قَتَلُوهُ قَتَلَهُمْ اللَّهُ، أَلا سَأَلُوا إذْ لَمْ يَعْلَمُوا؟ فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ، إنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْصِرَ، أَوْ يَعْصِبَ عَنْ جَرْحِهِ ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهِ وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ» ([1]). رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيِّ.

****

  أصاب رجل حجر فشجَّه في رأسه، ثم احتلم في الليل فصار عليه جنابة واستشكل عليه ماذا يفعل لأن الماء يضر الجرح، فقال لمن معه: «هَلْ تَجِدُونَ لِي رُخْصَةً فِي التَّيَمُّمِ؟» قالوا: لا؛ لأنهم بَنو على عِلمهم فاغتسل الرجل، فدخل الماء في جرحه ومات، فبلغ النَّبِي صلى الله عليه وسلم ذلك فقال: «قَتَلُوهُ» أي: تسببوا في قتله، «قَتَلَهُمْ اللَّهُ» هذا دعاء من الرَّسُول صلى الله عليه وسلم، وفيه: زجر للذي لا يعلم الحكم ألاّ يُفتي، وفيه: أن المُفتى بغير علم يتحمّل ما يترتب عَلَى فتواه من ضرر؛ لأن الرَّسُول صلى الله عليه وسلم قال: «قَتَلُوهُ» وفيه سؤال أهل العلم قال تعالي: ﴿فَسۡ‍َٔلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ [النحل: 43] فترتب على هذه الفتوى الخاطئة موت هذا الرجل، قال صلى الله عليه وسلم: «قَتَلُوهُ قَتَلَهُمْ اللَّهُ» وهذا فيه: زجر من يُفتي بغير علم، ثم قال: «أَلا سَأَلُوا إذْ لَمْ يَعْلَمُوا؟» وهذا كما في قوله تعالي: ﴿فَسۡ‍َٔلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ. «فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ» المراد بالعِيّ: هنا الجهل.


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود (336)، والدارقطني (729).