×
الاختصار في التعليق على منتقى الأخبار الجزء الأول

لأن النَّبِي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً في قدمه لمعة قدر الدرهم لم يُصِبْها الماء فقال له ارجع فأحسن وضوءك، فهذا معناه الإسباغ.

«وَبَالِغْ فِي الاسْتِنْشَاقِ» هذا محل الشاهد من الحديث للترجمة، بالغ: أي: اهتم بالمضمضة بحيث أن توصل الماء إلى جميع جوانب الفم، وذلك بإدارة الماء في الفم، «وَبَالِغْ فِي الاسْتِنْشَاقِ» أي: اهتم بإيصال الماء إلى أقصى الأنف، وذلك بجذب الماء بالنَّفَسِ إلى أن يصل إلى أقصى الأنف، ولا يكفي أن يضع الماء في أدنى فمه ثم يَمُجّه، أو أن يضعه في أدنى أنفه ثم ينثره، بل لابد من المبالغة في ذلك.

«إلا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا» فالصائم لا يبالغ في المضمضة والاستنشاق لئلا يصل الماء إلى حَلْقِهِ ويذهب إلى جوفه، فدل على أن الصائم يجب أن يَتَحَفَّظُ مما يصل إلى حَلْقِهِ وإلى جوفه، وإن ما يصل إلى الجوف من الماء، أو من الطعام فإنه يُبْطِلُ الصيام إذا كان متعمّدًا، ومن هنا قال مَنْ قال مِنَ العلماء المعاصرين: بأن البَخَّاخَ الذي يستعمله أصحاب الربو لا يصلح للصائم؛ لأن البَخَّاخَ فيه ماء بُخار، وفيه دواء فإذا استنشقه ذهب إلى حَلْقِهِ وإلى جوفه، فإذا كان النَّبِي صلى الله عليه وسلم أمر بالمبالغة في الاستنشاق إلا أن يكون صائما دلَّ هذا على أن البَخَّاخَ أنه يخرج الصيام، وبعض العلماء أجاز ذلك وقال: لأنه مجرد هواء للقصبات الهوائية يفتح النَّفَسَ، ولا يذهب إلى الجوف، والله أعلم.

لكن مهما أمكن الإنسان أن يتحفظ منه ويستعمله في الليل إذا استطاع فهو لا شك أحوط له.


الشرح