×
الاختصار في التعليق على منتقى الأخبار الجزء الأول

«سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله إنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ» أي: نسافر في السفن والمراكب في البحر «وَنَحْمِلُ مَعَنَا الْقَلِيلَ مِنْ الْمَاءِ» أي: من غير ماء البحر ليشربوا منه ويطبخوا منه، فإن استعملوه لطهارتهم وحاجتهم نفد وبقوا بلا ماء فماذا يصنعون؟ «أَفَنَتَوَضَّأُ، بِمَاءِ الْبَحْرِ؟» لأنه ظن أن المراد بالماء الذي يستعمل للطهارة غير ماء البحر كالماء الذي ينزل من السماء، وتتكون منه الأنهار، والآبار، والغدران، وغير ذلك، هذا ظنهم أن الطهارة لا تكون إلا بماء غير ماء البحر نظرًا لملوحيته واختلافه عن ماء البئر «نَحْمِلُ مَعَنَا الْقَلِيلَ مِنْ الْمَاءِ، فَإِنْ تَوَضَّأْنَا بِهِ عَطِشْنَا» أي: ينتهي وينفد؛ لأنه قليل «أَفَنَتَوَضَّأُ، بِمَاءِ الْبَحْرِ؟» هذا هو السؤال فماذا كان الجواب منه صلى الله عليه وسلم قال: «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ، الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» جواب شامل وكان يكفي لو أن الرَّسُول قال: نعم توضئوا به؛ لكنه أتى بهذه العبارة «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ» أي: توضئوا به لماذا؟ لأنه ماء طهور، وزاد على ذلك لأنه لمّا كان راكب البحر يحتاج أيضًا إلى السؤال عن حيوانات البحر، والأكل منها فزاده صلى الله عليه وسلم على ما سأل فإنه ما سأل عن ميتة البحر، إنما سأل عن الطهارة بماء البحر؛ لكن لمّا كان يجهل الطهارة بماء البحر، فجهله بأكل ميتة حيوان البحر من باب أولى؛ لأن الله حرّم الميتة ﴿حُرِّمَتۡ عَلَيۡكُمُ ٱلۡمَيۡتَةُ [المائدة: 3]؛ لأنه يظن أن لفظ الآية يشمل ميتة البحر، فزاده علمًا يحتاج إليه، فهذا فيه أن المفتي إذا عرف أن السائل يحتاج أكثر مما سأل عنه، فإنه يزيده في الجواب، ولا يقتصر على إجابة سؤاله.


الشرح