×
الاختصار في التعليق على منتقى الأخبار الجزء الأول

فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ، الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» ([1]). رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ .

****

وقوله: «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ» هذا ربط للحكم بعلته أي: تطهر به؛ لأنه طهور، فدل على أنه لا يجوز التطهر إلا بالماء الطهور، كما قال جلّ وعلا: ﴿وَأَنزَلۡنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ طَهُورٗا [الفرقان: 48]، ﴿وَيُنَزِّلُ عَلَيۡكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ لِّيُطَهِّرَكُم بِهِۦ [الأنفال: 11].

الطَهور: بفتح الطاء، هو الطاهر في نفسه المطهر لغيره، وأما الطاهر: فهو الطاهر في نفسه ولا يطهر غيره، وأما طُهور: بضم الطاء، فهو المصدر من تطهر طهورًا.

وقوله: «الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» علمنا أن الله حرم الميتة بنص القرآن؛ ولكن هنا الرَّسُول صلى الله عليه وسلم بيّن أن ميتة البحر لا تدخل في عموم الآية: ﴿حُرِّمَتۡ عَلَيۡكُمُ ٱلۡمَيۡتَةُ [المائدة: 3]؛ لأن الميتة فارقت الحياة بغير ذكاة شرعية؛ لكن ميتة البحر تحل؛ لأنها لا تحتاج إلى ذكاة، وهذا فيه دليل على أن جميع حيوانات البحر مباحة كما قال تعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمۡ صَيۡدُ ٱلۡبَحۡرِ وَطَعَامُهُۥ [المائدة: 96]، وفي الحديث الآخر: «أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ، فَأَمَّا الْمَيْتَتَانِ: فَالْحُوتُ وَالْجَرَادُ، وَأَمَّا الدَّمَانِ: فَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ» ([2])، فهذا قد استثنى من عموم تحريم الميتة والدم، وهذا فيه تيسير على الذين يركبون البحر بأنهم يأكلون الحيوانات البحرية سواء صادوها وهي حية،


الشرح

([1])  أخرجه: أحمد (14/349)، وأبو داود (83)، والترمذي (69)، والنسائي (59)، وابن ماجه (386).

([2])  أخرجه: أحمد (10/15)، وابن ماجه (3314)، والبيهقي (1197).