×
الاختصار في التعليق على منتقى الأخبار الجزء الأول

أجاب بجواب عام في هذا وفي غيره: «إذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ الْخَبَثَ»، فلا يؤثر فيه ما يعتريه من النجاسات ما لم تغيره كما سبق فهو باق على طهوريته، وهذا لا خلاف فيه أن الماء الكثير، وهو ما زاد عن قلتين إذا لم يتغير بالنجاسة، فهو باق على طهوريته؛ ولكن ما هي القُلَّتان، هما تثنية قُلَّة، والمراد بها: الجرة الكبيرة التي يوضع فيها الماء.

وبهذا الحديث تقييد: بأن الماء الذي لم يتغير بالنجاسة أنه طهور إذا كان قُلَّتين؛ لأنه كثير، فأكثر هذا يسمى بالكثير وما دونهما يسمى بالقليل، فالكثير ما لم يتغير أحد أوصافه بالنجاسة فلا ينجس، وأما القليل وهو ما دون القُلَّتَين، فهو ينجس مطلقًا المفهوم من هذا الحديث، ومعنى لم يحمل الخبث، أي: لم تؤثر فيه النجاسة؛ بل يتغلب عليها ما إذا كان دون القُلَّتَين، فإن النجاسة تتغلب عليه ويحمل الخبث وهذا مقيد للحديث السابق الذي فيه أن الماء طهور لا ينجسه شيء، وقد قيد بما تغير لونه أو طعمه أو ريحه بالنجاسة بالإجماع، فإذا تغير بالنجاسة فهو نجس سواء كان قليلاً أو كثيرًا، أما إذا لم يتغير بالنجاسة، فإن كان كثيرًا فإنه يبقى على طهوريته، وإن كان قليلاً، فإنه يتنجس وإن لم يتغير لمفهوم حديث القُلَّتَين، وقد اختلف العلماء في هذا فمنهم من لم يستدل بحديث القُلَّتَين؛ لأنه لم يثبت عندهم فيبقى على أن الكثير والقليل باق على العموم لأنه لا ينجس إلا بالتغيير، وذهب جماعة منهم الإمام أحمد رحمه الله وغيره إلى العمل بحديث القُلَّتَين، وأن الماء إذا لاقته النجاسة ولم يتغير بها، فإن كان كثيرًا فهو باق طهوريته، ومنه الماء الذي يكون في الفلاة؛ لأنه كان كثير،


الشرح