المصلحة الثانية:
أنه لو قام وهو يبول للوث المسجد ولم ينحصر بوله في بقعة معينة بل تنتشر النجاسة
في المسجد.
فهذا:
من باب ارتكاب أخف الضررين لدفع أعلاهما فتركه يبول في موضع واحد؛ لأنه لو قام وهو
يتقاطر من البول لنجس أكثر من موضع في المسجد، فهذا من حكمة الرَّسُول صلى الله
عليه وسلم في التعليم والإرشاد وفيه رفقٌ بالجاهل وفيه حسن خلقه صلى الله عليه
وسلم، وأما سياق المُصَنِّف للحديث هنا من أجل بيان أن طهارة النجاسة على وجه
الأرض أن تغمر بالماء بأن يصب عليها ماء أكثر منها حتى يغمرها ويتغلب عليها، وأن
هذا الماء الذي صب عليها يبقى مطهرًا ولا تؤثر فيه النجاسة؛ لأن الماء إذا كان على
محل التطهير فهو طهور ما لم يفارق محل التطهير، أما ما دام الماء على محل التطهير
فهو طهور، وهكذا الماء الذي صب على بول الأعرابي هو في محل التطهير فهو باق على
طهوريته فهذا فيه كيفية تطهير الأرض المتنجسة.
إذا
صب الماء الكثير على النجاسة التي على وجه الأرض فهو طهور، ولم يضره وقوعه على
النجاسة لأنه لو كان نجسًا لنجس بقية المسجد فدل على أنه طهور ما بقي على موضع
التطهير، وأن الأرض تطهر به.
وفي
الحديث أيضًا: حرمة المساجد وبيان الحكمة من بنائها كما قال
تعالى: ﴿فِي
بُيُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرۡفَعَ وَيُذۡكَرَ فِيهَا ٱسۡمُهُۥ يُسَبِّحُ لَهُۥ
فِيهَا بِٱلۡغُدُوِّ وَٱلۡأٓصَالِ ٣٦رِجَالٞ لَّا تُلۡهِيهِمۡ تِجَٰرَةٞ وَلَا بَيۡعٌ
عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِيتَآءِ ٱلزَّكَوٰةِ يَخَافُونَ يَوۡمٗا
تَتَقَلَّبُ فِيهِ ٱلۡقُلُوبُ وَٱلۡأَبۡصَٰرُ ٣٧﴾
[النور: 36- 37].
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد