قوله: «فَاجْتَوَوْا الْمَدِينَةَ» أي:
استوخموها؛ لأن المدينة كان فيها حمى ودعا لها النَّبِي صلى الله عليه وسلم بأن
ينقل الله حماها إلى الجحفة ([1])،
وهؤلاء النفر من الأعراب أصابتهم الحمى في المدينة، وأمر النَّبِي صلى الله عليه
وسلم أن يتعالجوا؛ وهذا فيه: دليل على مشروعية العلاج وطلب العلاج؛ لأن العلاج سبب
من الأسباب المباحة؛ ولكن اختلف العلماء هل العلاج مباح فقط؟ أو هو مستحب أو واجب؟
وقد أمر النَّبِي صلى الله عليه وسلم هؤلاء أن يتعالجوا وهذا الأمر للإباحة.
وهؤلاء العرنيون لهم قصة أنهم ذهبوا وشربوا من ألبانها وأبوالها وشفوا وذهبت عنهم الحمى، ثم قتلوا الراعي على طبيعة الأعراب ومثلوا به وأخذوا الإبل واستولوا عليها فأرسل النَّبِي صلى الله عليه وسلم في طلبهم فجيء بهم فأمر بهم فصنع بهم مثل ما صنعوا بالراعي من المثلة والقتل، وهذا من باب قتل المحاربين؛ لأن فعلهم هذا حرابة حيث قتلوا الراعي وأخذوا المال، فأمر النَّبِي صلى الله عليه وسلم أن يصنع بهم مثل ما صنعوا بالراعي؛ لأجل زجر الناس عن هذا العمل الخبيث ويؤخذ من هذا حدُّ الحرابة، وأنه يفعل بالجاني مثل ما فعل بالمجني عليه من باب القصاص، والله جل وعلا أنزل قرآنًا في هذا: ﴿إِنَّمَا جَزَٰٓؤُاْ ٱلَّذِينَ يُحَارِبُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَيَسۡعَوۡنَ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوٓاْ أَوۡ يُصَلَّبُوٓاْ أَوۡ تُقَطَّعَ أَيۡدِيهِمۡ وَأَرۡجُلُهُم مِّنۡ خِلَٰفٍ أَوۡ يُنفَوۡاْ مِنَ ٱلۡأَرۡضِۚ ذَٰلِكَ لَهُمۡ خِزۡيٞ فِي ٱلدُّنۡيَاۖ وَلَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ٣٣إِلَّا ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبۡلِ أَن تَقۡدِرُواْ عَلَيۡهِمۡۖ فَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ ٣٤﴾ [المائدة: 33- 34]،
([1]) أخرجه: البخاري (6372)، ومسلم (1376).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد