وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: «خَالِفُوا المُشْرِكِينَ:
وَفِّرُوا اللِّحَى، وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ» ([1]). مُتَّفَقٌ
عَلَيْهِ زَادَ الْبُخَارِيُّ: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إذَا حَجَّ أَوْ اعْتَمَرَ
قَبَضَ عَلَى لِحْيَتِهِ فَمَا فَضَلَ أَخَذَهُ.
****
وتُعْفَى اللحى، وهي مخالفة المَجُوسِ، فإنهم
كانوا يَحْلِقُون لِحاهم، ويُوَفِّرُون شواربهم، فَأمَرَنا النَّبِي صلى الله عليه
وسلم بمخالفتهم، وعدم التشبه بهم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ»
([2])
فلا يجوز التَّشَبُه باليهود، ولا بالنصارى، ولا بأهل الجاهلية، ولا بالمجوس، فلا
يَتَشَبَّهُ المسلم بهؤلاء، وكذلك التَّشَبُّه بالأعاجم، ولكن الآن صار التشبه
بهؤلاء عند بعض الناس مفخرة، وتقدُّم، مسايرةً لهؤلاء المُتَحَضِّرِين، وتَرْك
اللحية وَجَزُّ الشارب يُعْتَبَرُ عندهم من التَّخَلُّف، ويقولون: هذه
قُشُورٌ، فَيَصِفُونَ السُنَّة بأنها قُشُورٌ، ويُحَقِّرُونَها. فلم يقتصر الأمر
على أنهم تشبهوا بأعداء الله.
ويقولون
أيضا: إن الدِّينَ ليس بالشَّعْرِ، وإنما بالقلب، وما أشبه
ذلك من الألفاظ النَابِيَة التي تَدُلُّ على فساد قلوبهم. نسأل الله العافية.
هذا فيه: بيانُ حكمةٍ ثانيةٍ في إحفاء الشوارب، وتوفير اللِّحى، وهي: أن ذلك مخالفةً للمشركين من عَبَدَةِ الأوثان، والأصنام، فنخالفهم في ديننا، وعبادتنا، كما نُخالفهم في مظهرنا، وابن عمر رضي الله عنهما كان إذا حجَّ، أو اعتمر، وطاف، وسعى، وأراد التَّحَلُّل قَبَضَ على لحيته،
([1]) أخرجه: أحمد (9/137)، والبخاري (5892)، ومسلم (259).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد