ولما
استنكر عليه عمر تأخره أبدى عذره رضي الله عنه وقال: «إنِّي شُغِلْتُ» حتى سمعت النداء وتوضأت، وأتيت، فقال عمر: «وَالْوُضُوءَ أَيْضًا»، وهذا استنكار
آخر أي: أنك تركت الاغتسال والوضوء أي تأخرت وتركت الاغتسال أيضًا؟! هذا من باب
الاستنكار، وقد استدل به بهذا مَن قال بوجوب الغسل يوم الجمعة، لأن عمر رضي الله
عنه استنكر على أخيه عثمان رضي الله عنه تَرْك الاغتسال، وكان هذا بمحضر من
المهاجرين والأنصار، ولم يعترضوا على عُمر فدل على وجوبه، والجمهور يقولون غسل
الجمعة مستحب، بدليل فِعل عثمان، فلو كان واجبًا ما تركه عثمان، إنما تَرَك
مستحبًا، وأيضًا فإن الصحابة لم يُنكروا على عثمان رضي الله عنه، ولم يقولوا له
تركت فرضًا أو واجبًا، فهذا الحديث يحتمل الدلالة للفريقين، للذين قالوا بالوجوب؛
لأن عمر استنكر هذا، وللذين قالوا بالاستحباب؛ لأن عثمان رضي الله عنه وهو خليفة
راشد ومِن المهاجرين السابقين الأولين لم يغتسل، فدل: على أنه مستحب، وليس بواجب،
وكِلا الاحتمالين بمحضر صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فدل هذا الحديث على أمور: منها: استحباب التبكير للذهاب لصلاة الجمعة؛ لأن عمر رضي الله عنه استنكر على عثمان رضي الله عنه تأخره، وفيه دلالة: على أن للخطيب أن يُكلِّم بعض المأمومين أثناء الخطبة للحاجة، وفيه دليل: على المسألة التي ساق المُصَنِّف الحديث من أجلها وهي مسألة الاغتسال يوم الجمعة هل هو واجب أو مستحب، فالحديث يحتمل هذا وهذا.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد