×
الاختصار في التعليق على منتقى الأخبار الجزء الأول

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «كَانَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ يَغْتَسِلُونَ عُرَاةً يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ، وَكَانَ مُوسَى عليه السلام يَغْتَسِلُ وَحْدَهُ، فَقَالُوا: وَالله مَا يَمْنَعُ مُوسَى أَنْ يَغْتَسِلَ مَعَنَا إلا أَنَّهُ آدَرُ، قَالَ: فَذَهَبَ مَرَّةً يَغْتَسِلُ فَوَضَعَ ثَوْبَهُ عَلَى حَجَرٍ، فَفَرَّ الْحَجَرُ بِثَوْبِهِ، قَالَ: فَجَمَحَ مُوسَى عليه السلام بِأَثَرِهِ يَقُولُ: ثَوْبِي حَجَرُ ثَوْبِي حَجَرُ حَتَّى نَظَرَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ إلَى سَوْأَةِ مُوسَى عليه السلام فَقَالُوا: وَالله مَا بِمُوسَى بَأْسٌ، قَالَ: فَأَخَذَ ثَوْبَهُ فَطَفِقَ بِالْحَجَرِ ضَرَبًا» ([1]). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .

****

  وهذا دليل آخر: على جواز التجرُّد للاغتسال من وراء حجاب، فهذه قصة كَلِيم الله موسى عليه السلام فيها أنه كان يغتسل متجردًا من ثيابه ومستترًا، بينما بنو إسرائيل كانوا يغتسلون ظاهرين للناس؛ لقلة حيائهم، ويَتَعَرون أمام الناس، فلما كان موسى عليه السلام يخالف بني إسرائيل ويغتسل مستترًا قالوا: إنه ما استتر إلا لأن فيه عيب لا يحب أن يُرى، وقالوا عنه: إنه «آدَرُ» أي: كبير الخصية، وهذا عيب يستره عنا، فالله عز وجل أراد أن يُبَيِّن لبني إسرائيل أن موسى عليه الصلاة والسلام ليس به عيب، وإنما يستتر حياءً، فبينما هو يغتسل مستترًا إذ وضع ثوبه على حجر ففر الحجر بثوبه عليه الصلاة والسلام وبقِي بلا ثوب، فطفق يركض وراء الحجر ليأخذ ثوبه مِنْ عليه ويقول: ثَوْبِي حجر، فنظر الناس إلى موسى، وعرفوا أنه ليس به عيب، ولهذا قال الله عز وجل: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ ءَاذَوۡاْ مُوسَىٰ فَبَرَّأَهُ ٱللَّهُ مِمَّا قَالُواْۚ وَكَانَ عِندَ ٱللَّهِ وَجِيهٗا [الأحزاب: 69] فلا تؤذوا رسولكم أيها المسلمون


الشرح

([1])أخرجه: أحمد (13/507)، والبخاري (278)، ومسلم (339).