×
الاختصار في التعليق على منتقى الأخبار الجزء الأول

وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّهَا إنَّمَا تُبْنَى عَلَى عَادَةٍ مُتَكَرِّرَةٍ.

وَعَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ جَحْشٍ الَّتِي كَانَتْ تَحْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ شَكَتْ إلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم الدَّم، فَقَالَ لَهَا: «اُمْكُثِي قَدْرَ مَا كَانَتْ تَحْبِسُكِ حَيْضَتُكِ ثُمَّ اغْتَسِلِي، فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ عِنْدَ كُلِّ صَلاةٍ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَلَفْظُهُمَا قَالَ: «فَلْتَنْتَظِرْ قَدْرَ قُرُوئِهَا الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُ فَلْتَتْرُكْ الصَّلاة ثُمَّ لِتَنْظُرْ مَا بَعْدَ ذَلِكَ فَلْتَغْتَسِلْ عِنْدَ كُلِّ صَلاةٍ وَتُصَلِّي» ([1]).

****

والمُصَنِّف رحمه الله يقول: «وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّهَا إنَّمَا تُبْنَى عَلَى عَادَةٍ مُتَكَرِّرَةٍ» أي: بخلاف المُبتدئة فلها حُكمٌ آخر، وأما هذه فقد أحالها النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَلَى عادة معروفة مُتكررة.

بنات جحش ثلاثة كلهن أُصِبْن بالاستحاضة، فأم حبيبة بنت جحش رضي الله عنها، وأختها زينب بنت جحش رضي الله عنها، وحمنة بنت جحش رضي الله عنها، وهذا الحديث فيه: تأكيدٌ لِمَا مَرَّ في الرواية الأولى أنها تغتسل عند نهاية العادة، وهذا قد اتفقت عليه الأحاديث، لكنها كانت تغتسل لكل صلاة، وهذا اجتهاد منها، والرَّسُول صلى الله عليه وسلم لم يأمرها أن تغتسل لكل صلاة، إنما أمرها أن تغتسل عند نهاية أيام العادة؛ لأن الاغتسال كل صلاة يَشُقُّ عليها.

القُرُوء: جمع قُرء، قال تعالى: ﴿وَٱلۡمُطَلَّقَٰتُ يَتَرَبَّصۡنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَٰثَةَ قُرُوٓءٖۚ [البقرة: 228] والقَرْء يُطلق على الطُّهر ويُطْلق على الحيض فهو لفظ مشترك، والحنابلة عندهم: أن المراد بالقُرء الحيض، والمالكية عندهم: القُرء هو الطُّهر، والأمر في هذا سهل.


الشرح

([1])  أخرجه: أحمد (41/439)، ومسلم (334)، والنسائي (356).