×
الاختصار في التعليق على منتقى الأخبار الجزء الأول

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم ارْتَدَّتْ الْعَرَبُ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا أَبَا بَكْرٍ كَيْفَ نُقَاتِلُ الْعَرَبَ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إنَّمَا قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لا إلَهَ إلا اللَّه وَأَنِّي رَسُولُ الله، وَيُقِيمُوا الصَّلاة، وَيُؤْتَوْا الزَّكَاةَ» ([1]). رَوَاهُ النَّسَائِيّ.

****

  لمَّا تُوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم أصاب المسلمين مصيبة عظيمة، وعند ذلك ارتد من لم يتمكّن الإيمان في قلبه، فمنهم من قال: لو كان نبيًا ما مات، ومنهم مَن منع الزكاة وقال: لا نُؤدِّيها إلا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد مات، فلا نُؤدِّيها لغيره، ومع هذا هم يقولون: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، ولما انعقدت الخلافة لأبي بكر الصديق رضي الله عنه أمر بقتالهم، فقال له عمر رضي الله عنه: كيف تقاتلهم وهم يقولون لا إله إلا الله، فأَوْرَد أبو بكر رضي الله عنه هذا الحديث «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لا إلَهَ إلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله، وَيُقِيمُوا الصَّلاة، وَيُؤْتَوْا الزَّكَاةَ» والرَّسُول صلى الله عليه وسلم لم يقتصر على أن يقولوا أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، بل قَرَن معها يُقيموا الصَّلاة ويُؤتوا الزَّكاة، وهذا هو ما احتج به أبو بكر رضي الله عنه، وقد ثبَّت الله الإسلام بموقف أبي بكر رضي الله عنه، فهذا من مواقفه العظيمة رضي الله عنه بعد وفاة الرَّسُول صلى الله عليه وسلم، فقاتل المرتدين، ومنهم من اتبع المُتَنَبِّئينَ الكَذَبَة كمُسيلمة الكذَّاب، والأَسْوَد العَنْسِي، وطليحة الأسَدِيّ، فالمرتدون أنواع: منهم من منع الزَّكاة، ومنهم من صدَّق المُتَنَبِّئينَ الكَذَبَة فقاتلهم جميعًا ولم يُفَرِّق بينهم رضي الله عنه.


الشرح

([1])  أخرجه: النسائي (3094).