×
الاختصار في التعليق على منتقى الأخبار الجزء الأول

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: بَعَثَ عَلِيٌّ رضي الله عنه وَهُوَ بِالْيَمَنِ إلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِذُهَيْبَةٍ، فَقَسَمَهَا بَيْنَ أَرْبَعَةٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ الله: اتَّقِ اللَّهَ، فَقَالَ: «وَيْلَكَ أَوْ لَسْتُ أَحَقُّ أَهْلِ الأَرْضِ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ»، ثُمَّ وَلَّى الرَّجُلُ، فَقَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ: يَا رَسُولَ الله أَلا أَضْرِبُ عُنُقَهُ؟ فَقَالَ: «لا لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ يُصَلِّي»، فَقَالَ خَالِدٌ: وَكَمْ مِنْ مُصَلِّ يَقُولُ بِلِسَانِهِ مَا لَيْسَ فِي قَلْبِهِ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أُنَقِّبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ» ([1]). مُخْتَصَرٌ مِنْ حَدِيثٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ .

****

هذا الحديث: فيه بيان مبدأ الخوارج، فالخوارج مَبدؤهم في عهد النَّبِي صلى الله عليه وسلم لأن الإسلام بأفواههم، وتُكن قلوبهم غير ذلك، حيث جاء هذا الرجل الشقي وقال: يا محمد اتق الله، فقال النَّبِي صلى الله عليه وسلم: ومن يتقِ الله إذا لم أتقِ الله سبحانه وتعالى، وتركه مع أنه قال هذه المقالة، واتهم الرَّسُول صلى الله عليه وسلم بعدم العدل، وعدم التقوى، وهذا لاشك أنه كلام رِدة، ومع هذا تركه النَّبِي صلى الله عليه وسلم فقال له خالد بن الوليد رضي الله عنه، وفي رواية: طلب عمر رضي الله عنه من الرَّسُول صلى الله عليه وسلم أن يقتله على هذه المقالة، فقال: لا لعله يُصلِّي، فترك الرَّسُول قتله لاحتمال أنه يُصلِّى فدل على أن المُصلِّي لا يُقتل، وهذا فيه: دليل على أن من ترك الصَّلاة يُقتل؛ لأنه ما منع الرَّسُول من قتله إلا لعله يصلى.

فدل: على أن من صلَّى فإنه لا يُقتل - وهذا محل الشاهد - ولو حصل منه شيء من الكلام أو من الأفعال السيئة ودل بمفهومه على أنه لو لم يكن يصلي لقتل، فدل على كُفر تارك الصَّلاة وقتله.


الشرح

([1])  أخرجه: أحمد (17/46)، والبخاري (4351)، ومسلم (1064).