×
الاختصار في التعليق على منتقى الأخبار الجزء الأول

وَعَنْ بُرَيْدَةَ الأَسْلَمِيِّ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةٍ، فَقَالَ: «بَكِّرُوا بِالصَّلاة فِي الْيَوْمِ الْغَيْمِ، فَإِنَّهُ مَنْ فَاتَهُ صَلاةُ الْعَصْرِ حَبِطَ عَمَلُهُ» ([1])، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ .

****

وهذا فيه: تقديم العصر في الغيم لئلا يفوت وقتها وهم لا يشعرون، وهذا فيه: الاحتياط في الدِّين، ثم بَيَّن صلى الله عليه وسلم الخطورة في تأخير العصر عن وقتها فقال: «فَإِنَّهُ مَنْ فَاتَهُ صَلاةُ الْعَصْرِ حَبِطَ عَمَلُهُ»، وهذا وعيد شديد، وفي الحديث الآخر قال صلى الله عليه وسلم: «الَّذِي تَفُوتُهُ صَلاَةُ الْعَصْرِ كَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ» ([2]).

ومعنى «فَاتَهُ صَلاةُ الْعَصْرِ» أي: من غير عذر، فمَن تعمَّد إخراجها عن وقتها فإنها لا تجزؤه ولو قضاها، ولا تصح صلاته، ولا تُقبل منه؛ لأنه تعمد إخراجها عن وقتها، وهذا يدل: على أن تعمد إخراج الصلاة عن وقتها من غير عذر أنه يكفر الكفر المحبط للعمل وهو الكفر الأكبر لأنه تعمد ترك الصلاة من غير عذر.

كل هذه الأبواب في صلاة العصر؛ لأنها مُهمة جدًا، ومن أهميتها: أنها هي الصَّلاة الوسطى لقوله تعالى: ﴿حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ وَقُومُواْ لِلَّهِ قَٰنِتِينَ [البقرة: 238]، أليست الصَّلاة الوسطى من الصلوات وقوله ﴿حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ فلماذا إذًا أفردها بالذِّكر في قوله تعالى: ﴿وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ ؟


الشرح

([1])  أخرجه: أحمد (38/54)، وابن ماجه (694).

([2])  أخرجه: البخاري (552).