وَعَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿حافِظوا عَلى
الصَّلَواتِ وَصَلاةِ الْعَصْرِ﴾. فَقَرَأْنَاهَا مَا شَاءَ اللَّه، ثُمَّ نَسَخَهَا
اللَّه فَنَزَلَتْ: ﴿حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ
وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ﴾ [البقرة: 238] فَقَالَ رَجُلٌ: هِيَ إذًا صَلاةُ
الْعَصْرِ، فَقَالَ: قَدْ أَخْبَرْتُكَ كَيْفَ نَزَلَتْ وَكَيْفَ نَسَخَهَا
اللَّهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ([1]). رَوَاهُ
أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ.
وَهُوَ دَلِيلٌ
عَلَى كَوْنِهَا الْعَصْرَ؛ لأَنَّهُ خَصَّهَا وَنَصَّ عَلَيْهَا فِي الأَمْرِ
بِالْمُحَافَظَةِ، ثُمَّ جَاءَ النَّاسِخُ فِي التِّلاوَةِ مُتَيَقَّنًا وَهُوَ
فِي الْمَعْنَى مَشْكُوكٌ فِيهِ فَيَسْتَصْحِبُ الْمُتَيَقَّنُ السَّابِقَ،
وَهَكَذَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم تَعْظِيمُ أَمْرِ
فَوَاتِهَا تَخْصِيصًا فَرَوَى عَبْدُ الله بْنُ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله
عليه وسلم قال: «الَّذِي تَفُوتهُ صَلاةُ الْعَصْرِ فَكَأَنَّمَا وَتَرَ أَهْلَهُ
وَمَالَهُ» ([2]). رَوَاهُ
الْجَمَاعَةُ.
****
أي:
نزلت هذه الآية أول ما نزلت: ﴿حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ﴾
وفيها زيادة: ﴿وَصَلاةِ
الْعَصْرِ﴾، فَقَرَأهَا الصحابة مَا
شَاءَ اللَّه، ثُمَّ نَسَخَهَا اللَّه فَنَزَلَتْ: ﴿حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ﴾، بدون زيادة ﴿وصلاة العصر﴾ ولكن نسخ
لفظها وبقي حكمها، فدل: على أن صلاة العصر هي الصَّلاة الوسطي، وجاء عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم تعظيم أمر فواتها خاصة.
فَرَوَى عَبْدُ الله بْنُ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «الَّذِي تَفُوتهُ صَلاةُ الْعَصْرِ فَكَأَنَّمَا وَتَرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ» أي: أُصيب في أهله وماله،
([1]) أخرجه: أحمد (30/613)، ومسلم (630).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد