×
إِيضَاحُ العبَارَاتِ فِي شَرْحِ أَخْصَرِ المُختَصَراتِ الجزء الثالث

وسُنَّ الوَفَاء بالوعد، وحَرُم بلا استثناءٍ.

****

وَقَوْله: «أو صوم شَهْر ونحوه: لزمه التتابع، لا إن نذر أيامًا معدودةً» إن نذر أن يصوم شهرًا فإنه يلزمه أن يصوم شهرًا متتابعًا؛ لأن لفظ الشَّهْر يَقْتَضِي التتابع، فيختار أَحَد الأَشْهر فيصومه متتابعًا، أو يصوم ثَلاَثِينَ يَوْمًا متتابعة؛ لأن إطلاق الشَّهْر يَقْتَضِي التتابع.

أَمَّا إن قَالَ: لله عَلَيَّ أن أصوم عَشَرَة أَيَّام مثلاً، فإنه لا يلزمه التتابع لأن عَشَرَة أَيَّام يصدق عَلَيْهَا متتابعة، ويصدق عَلَيْهَا متفرقة.

حكم الوَفَاء بالوعد

وَقَوْله: «وسُنَّ الوَفَاء بالوعد، وحَرُم بلا استثناءٍ» يستحب الوَفَاء بالوعد لأن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وصف المُنَافِق بأنه إِذا وعد أَخْلف ([1])، فعدم الوَفَاء بالوعد من صِفَات المنافقين، أَمَّا المؤمن فإنه عِنْدَ وعده، وَبَعْض العُلَمَاء كشيخ الإِسْلاَم ابْن تيمية يرون وُجُوب الوَفَاء بالوعد؛ للبراءة من النفاق، فكون مخلف الوعد وصف بأنه مُنَافِق يدل عَلَى تَحْرِيم إِخْلاَف الوعد، لَكِن الجُمْهُور عَلَى أن الوَفَاء بالوعد مستحب، وحرم أن يعد شَيْئًا مستقبلاً بدُون أَنْ يَقُولَ إِنْ شَاءَ اللهُ، كَأَنْ يَقُولَ سأعطيك كَذَا وَكَذَا، ولا يَقُول إِنْ شَاءَ اللهُ، هَذَا مَنْهِيّ عَنْهُ، قَالَ سبحانه وتعالى: ﴿وَلَا تَقُولَنَّ لِشَاْيۡءٍ إِنِّي فَاعِلٞ ذَٰلِكَ غَدًا ٢٣ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُۚ وَٱذۡكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلۡ عَسَىٰٓ أَن يَهۡدِيَنِ رَبِّي لِأَقۡرَبَ مِنۡ هَٰذَا رَشَدٗا [الكهف: 23، 24]، فَإِذَا قيدت الوعد بالمشيئة فَلاَ يلزمك شَيْء، إِذَا لَمْ تقف.


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (33)، ومسلم رقم (59).