×
إِيضَاحُ العبَارَاتِ فِي شَرْحِ أَخْصَرِ المُختَصَراتِ الجزء الثالث

شُرُوط الحُكْم بقطع يَد السَّارِق

وَقَوْله: «وَيُقْطَعُ السَّارِق بِثَمَانِيَةِ شُرُوط» حَدّ السَّرِقَة هَذَا فيه رَحْمَة من الله سبحانه وتعالى لحفظ أَمْوَال المُسْلِمِينَ، وليستتب الأَمْن فِي البَلَد، وَكَوْنهَا تقطع يَد وَاحِدَة فَإِنَّهَا تبقى أيد كَثِيرَة وتبقى أَمْوَال النَّاس؛ لأن من هَمَّ بالسرقة وذكر أنه سيقطع كفَّ عَن السَّرِقَة.

مِثْل القصاص؛ إِذا اقتص من واحد فإن النَّاس يمتنعون عَن الاِعْتِدَاء عَلَى النُّفُوس، كما قَالَ سبحانه وتعالى: ﴿وَلَكُمۡ فِي ٱلۡقِصَاصِ حَيَوٰةٞ يَٰٓأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ [البقرة: 179]، فَهَذَا فيه غَايَة الحِكْمَة من الله سبحانه وتعالى، وَلِهَذَا قَالَ فِي ختام آية القطع: ﴿وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٞ [المائدة: 38] عزيز أي: قوي وَمَعَ عزته حكيم يضع الأُمُور فِي مواضعها، ويشرع للأحداث أحكامها. فَهُوَ حكيم فِي تَشْرِيع هَذَا الحَدّ المناسب لعلاج هَذِهِ الجريمة؛ لتأمن أيدي النَّاس، وأموال النَّاس، ويتربوا عَلَى الأَمَانَة، وَعَلَى احترام أَمْوَال الآخَرين، أَمَّا إِذا ترك السَّارِق وَلَمْ تقطع يَده فإن هَذَا مِمَّا يشجع السراق والنشالين عَلَى السَّرِقَة، فَهِيَ حَدّ صارم ورحمة من الله سبحانه وتعالى.

وَقَوْله: «السَّرِقَة، وَهِيَ أَخْذُ مَال مَعْصُومٍ خُفْيَةً» هَذَا تعريف السَّرِقَة شرعًا وَقَد سبق، ويتضمن هَذَا التَّعْرِيف ثَلاَثَة أُمُور:

الأَمْر الأَوَّل: أن يَكُون المسروق مالاً.

الأَمْر الثَّانِي: أن يَكُون مالاً معصومًا، وَهُوَ مَال المسلم والمعاهد.

الأَمْر الثَّالِث: أن يأخذه عَلَى وجه الخُفْية لا المجاهرة.


الشرح