×
إِيضَاحُ العبَارَاتِ فِي شَرْحِ أَخْصَرِ المُختَصَراتِ الجزء الثالث

كِتَاب القَضَاء

****

القَضَاء فِي الأَصْل يطلق عَلَى معان؛ يطلق القَضَاء عَلَى الفراغ من الشَّيْء وَاحْكَامه كما قَالَ سبحانه وتعالى: ﴿فَقَضَىٰهُنَّ سَبۡعَ سَمَٰوَاتٖ [فصلت: 12]، وَقَالَ سبحانه وتعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيۡتُمُ ٱلصَّلَوٰةَ [النساء: 103]، أي فرغتم منهَا.

ويطلق القَضَاء عَلَى الأَخْبَار، قَالَ سبحانه وتعالى: ﴿وَقَضَيۡنَآ إِلَىٰ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ فِي ٱلۡكِتَٰبِ لَتُفۡسِدُنَّ فِي ٱلۡأَرۡضِ مَرَّتَيۡنِ وَلَتَعۡلُنَّ عُلُوّٗا كَبِيرٗا [الإسراء: 4]، يَعْنِي أَخْبَرْنَاهُم بأنهم سيحصل منهُمْ هَذَا، ويطلق القَضَاء عَلَى الأَمْر والإيجاب، كما قَالَ سبحانه وتعالى: ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُ [الإسراء: 23]، أي أَمَر وأوجب ألاَّ تعبدوا إلاَّ إِيَّاهُ.

ويطلق القَضَاء عَلَى الحُكْم بَين المتخاصمين، فَهُوَ تبيين الحُكْم الشَّرْعِيّ مَعَ الإلزام به، وَأَمَّا الفتوى: فَهِيَ تبيين الحُكْم الشَّرْعِيّ من غير إِلْزَام.

ومنصب القَضَاء منصب مهم فقد تولاه الأَنْبِيَاء قَالَ سبحانه وتعالى: ﴿يَٰدَاوُۥدُ إِنَّا جَعَلۡنَٰكَ خَلِيفَةٗ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱحۡكُم بَيۡنَ ٱلنَّاسِ بِٱلۡحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ ٱلۡهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ [ص: 26]، وَقَالَ سبحانه وتعالى: ﴿وَدَاوُۥدَ وَسُلَيۡمَٰنَ إِذۡ يَحۡكُمَانِ فِي ٱلۡحَرۡثِ إِذۡ نَفَشَتۡ فِيهِ غَنَمُ ٱلۡقَوۡمِ وَكُنَّا لِحُكۡمِهِمۡ شَٰهِدِينَ ٧٨ فَفَهَّمۡنَٰهَا سُلَيۡمَٰنَۚ وَكُلًّا ءَاتَيۡنَا حُكۡمٗا وَعِلۡمٗاۚ وَسَخَّرۡنَا مَعَ دَاوُۥدَ ٱلۡجِبَالَ يُسَبِّحۡنَ وَٱلطَّيۡرَۚ وَكُنَّا فَٰعِلِينَ [الأنبياء: 78، 79].

وَقَالَ الله سبحانه وتعالى لنبينا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم: ﴿وَأَنِ ٱحۡكُم بَيۡنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَهُمۡ وَٱحۡذَرۡهُمۡ أَن يَفۡتِنُوكَ عَنۢ بَعۡضِ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَيۡكَۖ [المائدة: 49]،


الشرح