وَهُوَ فرض كفايةٍ كالإمامةٍ،
فينصب الإِمَام بكل إقليمٍ قاضيًا، ويختار أفضل من يجد علمًا وورعًا، ويأمره
بالتقوى وتحرِّي العَدْل.
****
﴿إِنَّآ أَنزَلۡنَآ
إِلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ لِتَحۡكُمَ بَيۡنَ ٱلنَّاسِ بِمَآ أَرَىٰكَ
ٱللَّهُۚ وَلَا تَكُن لِّلۡخَآئِنِينَ خَصِيمٗا﴾ [النساء: 105].
فالقضاء منصب شريف،
وَالضَّرُورَة تدعو إِلَيْهِ؛ لأن الاِخْتِلاَف والنزاع بَين النَّاس والاعتداءات
من بَعْضهم عَلَى بَعْض حاصلة وَكَثِيرَة، فَلاَ بُدَّ من القَضَاء الَّذِي يفصل
بينهم، وينصف المظلوم من الظَّالِم، ويرد الحَقّ إِلَى مستحقه، لا يصلح النَّاس
بدون قَضَاء، فَهُوَ منصب ضروري لاَ بُدَّ منهُ.
والقضاء شاق بلا شك، لَكِن
فيه أَجر عَظِيم، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ
فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ
أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ» ([1]).
قَوْله: «وَهُوَ فرض
كفايةٍ كالإمامة» القَضَاء فرض كفاية إِذا قام به من يكفي سقط الإِثْم عَن
الباقين وإن تركه الكل أثموا.
وَقَوْله: «فينصب
الإِمَام بكل إقليمٍ قاضيًا، ويختار أفضل من يجد علمًا وورعًا، ويأمره بالتقوى
وتحري العَدْل» تنصيب القضاة من صلاحيات الإِمَام؛ لأن النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم وخلفاءه كَانُوا يولُّون القضاة.
ويجب عَلَى ولي الأَمْر أن يَخْتَار للقضاء أفضل الموجودين فِي وقته فِي العِلْم وصفات القَاضِي؛ لأن القَضَاء يعتمد عَلَى العِلْم كَذَلِكَ أفضلهم فِي التَّقْوَى فمع العِلْم يَكُون تقيًّا.
([1])أخرجه: البخاري رقم (7352)، ومسلم رقم (1716).
الصفحة 4 / 368
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد