×
إِيضَاحُ العبَارَاتِ فِي شَرْحِ أَخْصَرِ المُختَصَراتِ الجزء الثالث

الشَّرْط الثامن: أن يَكُون بصيرًا؛ لأنه يحتاج إِلَى مَعْرِفَة الخُصُوم والنظر فِيهِم وفي صِفَة جلوسهم عِنْدَهُ.

وَهَذَا إِذا أمكن وعند الحَاجَة يَجُوز أن يولي القَضَاء مكفوف البَصَر، وَكَانَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يخلف ابْن أُمّ مَكْتُومٍ عَلَى المَدِينَة إِذا سَافَرَ ([1])، وَابْن أُمّ مَكْتُومٍ رضي الله عنه أعمى، فعند الحَاجَة لا بَأس، وَرُبَّمَا يَكُون المكفوف أحذق من بَعْض المبصرين وَأَدقّ إدراكًا؛ لأنَّ اللهَ لما حرمهم من البَصَر عوضهم بالذكاء والفطنة.

الشَّرْط التَّاسِع: أن يَكُون متكلمًا فَلاَ يولَّى الأَخْرَس؛ لأنه سيسأل الخُصُوم ويحكم بينهم فيحتاج إِلَى الكَلاَم.

الشَّرْط العَاشِر: أن يَكُون مُجْتَهِدًا وَهُوَ الَّذِي يستنبط الأَحْكَام من الأَدِلَّة القرآنية أو الأَحَادِيث النبوية، فَلاَ يَكُون مقلدًا، فإن لم يتيسر هَذَا فإنه يكفي أن يَكُون مُجْتَهِدًا فِي مذهبه، بأن يعرف القَوْل الراجح والمرجوح بِالدَّلِيلِ.

قَوْله: «وإن حكَّم اثنان بينهما رجلاً» فَإِذَا اختار الخَصْمَانِ من يحكم بينهما من أَهْلِ العِلْم فإنه لا بأس بِذَلِكَ، وينفذ حُكْمه عَلَيْهِمَا؛ لأن عمر وأبي بْن كعب رضي الله عنهما صَارَت بينهما خصومة فحكَّما بينهما زَيْد بْن حارثة؛ فَدَلَّ عَلَى أن الخَصْمَيْنِ إِذا رضيا بتحكيم عالم أهل للقضاء جَاز ذَلِكَ؛ لِحُصُول المَقْصُود بِذَلِكَ، وَهُوَ الحُكْم بِالشَّرْعِ وإنهاء الخُصُومَة فَلاَ يحل لأحد نقضه إِذا أَصَابَ الحَقّ.


الشرح

([1])أخرجه: أبو داود رقم (2931)، وأحمد رقم (12344).