×
إِيضَاحُ العبَارَاتِ فِي شَرْحِ أَخْصَرِ المُختَصَراتِ الجزء الثالث

 رأوا منكرًا؛ لأجل إِزَالَة الْمُنْكَر بزعمهم، وَلَمْ يعلموا أن شق عصا الطَّاعَة، وَالخُرُوج عَن الجَمَاعَة هُوَ أعظم الْمُنْكَر، وَلاَ يَجُوز الخُرُوج عَلَى الإِمَام، وولي الأَمْر بل يناصح ويبين لَهُ، وَلَكِن لا يخرج عَلَيْهِ بِالسِّلاَحِ ما دام أنه لم يصل إِلَى حَدّ الكفر.

وَالرَّسُول صلى الله عليه وسلم لما ذكر ما يَكُون من الولاة من بَعْدِه من التغير والتفريط، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَلاَ نُنَابِذُهُمْ بِالسَّيْفِ؟ فَقَالَ: «لاَ، مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلاَةَ، وَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْ وُلاَتِكُمْ شَيْئًا تَكْرَهُونَهُ، فَاكْرَهُوا عَمَلَهُ، وَلاَ تَنْزِعُوا يَدًا مِنْ طَاعَةٍ» ([1])، فَلاَ يَجُوزُ الخُرُوج عَلَى الإِمَام بحجة أن هُنَاك منكرات، أو أن الإِمَام عِنْدَهُ فسوق فِي نَفْسِهِ، ومعاصٍ لا تصل إِلَى حَدّ الكفر لأنه يتَرَتَّب عَلَى هَذَا من المفاسد أعظم مِمَّا يتَرَتَّب عَلَى الخُرُوج عَلَيْهِ من المَصْلَحَة المزعومة، تسفك الدِّمَاء ويختل الأَمْن، وتؤخذ الأَمْوَال وتنهب، وهذه منكرات أعظم من الْمُنْكَر الَّذِي قَامُوا من أجله.

وَالرَّسُول صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِْيمَانِ» ([2]) فلم يجعل الإِزَالَة بِاليَدِ إلاَّ للسلطان أو نائب السُّلْطَان، أَمَّا من لَيْسَ عِنْدَهُ سلطة فإنه يكتفي باللسان والبيان والموعظة والتعليم، وَإِذَا لَمْ يَكُن عِنْدَهُ علم ولا استطاعة باللسان فإنه يُنْكر الْمُنْكَر بقلبه ويعتزل أهل الْمُنْكَر،


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (1855).

([2])أخرجه: مسلم رقم (49).