وَمَا حَصَلَ
الضَّرَر من الخَوَارِج والمعتزلة فِي الزَّمَان الأَوَّل إلاَّ بِهَذِهِ الآفَة
لأَِنَّهُم هجموا عَلَى العِلْم من غير بصيرة واعتزلوا العُلَمَاء، بل خوَّنوا
العُلَمَاء وتكلَّموا فِيهِم، خوَّنوا الصَّحَابَة والتابعين، وعلماء السَّلَف،
ورموهم بالقصور، وخلوا مَعَ أنفسهم وَأَشْبَاههم وخرجوا عَلَى المُسْلِمِينَ
بالآراء الغَرِيبَة، والأفعال القبيحة، وكفَّروا المُسْلِمِينَ واستحلوا دماءهم
وأموالهم.
وَهُوَ نفس الحَاصِل
الآنَ، فالشباب الَّذِينَ اعتزلوا عَن العُلَمَاء وحرَّموا الدراسة فِي المدارس،
وَعَلَى المَشَايِخ، وانعزلوا عَلَى أنفسهم وَمَعَ أشباههم، حَصَلَ منهُمْ ما
حَصَلَ من الخَوَارِج من قبل، ومن المُعْتَزِلَة، فَصَارَ عِنْدَهُم أفكار غريبة.
والمعتزلة سموا
معتزلة لأَِنَّهُم اعتزلوا مَجْلِس الحسن البَصرِيّ إمام التَّابِعِينَ رحمه الله،
لما قَالَ إن مرتكب الكبيرة يَكُون نَاقِص الإِيمَان وَلَيْسَ كافرًا، قَالُوا: بل
مرتكب الكبيرة يَكُون كافرًا.
فاعتزلوا مَجْلِس الحسن ورموه بأنه مداهن، فحصل منهُمْ ما حَصَلَ، وأول من اعتزل وقادهم هُوَ وَاصل بْن عطاء الغَزَال؛ لأنه كَانَ من تلاميذ الحسن، فاعتزل شيخه لأنه خالفه فِي الفهم، حَيْثُ يُرِيد أن يكفِّر المُسْلِمِينَ بالكبائر، والحسن عَلَى مذهب الصَّحَابَة والتابعين، لا يكفر بالكبيرة الَّتِي هِيَ دون الشِّرْك، بل يَقُول: إنها تنقص الإِيمَان، وتفسق صَاحبهَا، فَهُوَ مؤمن نَاقِص الإِيمَان، مؤمن بِإِيمَانِهِ فاسق بكبيرته، ولا يَكُون كافرًا، فَلَمَّا خَالَفَ مرادهم اعتزلوه، وحصل منهُمْ ما حَصَلَ.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد