فصل: الوَكَالَة
****
الوَكَالَة: مصدر وكل وَكَالَة وتوكيلاً،
وَمَعْنَاهَا: التفويض فِي التَّصَرُّف؛ لأن الإِنْسَان قَد يعجز عَن مباشرة
الأَعْمَال بِنَفْسِهِ، أو يَكُون مثله لا يعمل هَذِهِ الأَعْمَال، أو تَكُون
الأَعْمَال بعيدة عَنْهُ، فله أن يوكل ويُفوِّض من ينوب عَنْهُ، ومن أَسْمَاء الله
عز وجل الوَكِيل قَالَ سبحانه وتعالى: ﴿وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلًا﴾ [النساء: 132]، وَقَوْله
سبحانه وتعالى: ﴿وَقَالُواْ
حَسۡبُنَا ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِيلُ﴾ [آل عمران: 173]، أي الموكول
إِلَيْهِ أُمُور عباده، وَكَذَلِكَ يَكُون الوَكِيل بِمَعْنَى الحَفِيظ ﴿وَمَآ أَنتَ عَلَيۡهِم
بِوَكِيلٖ﴾ [الأنعام: 107]، أي لست بحفيظٍ عَلَيْهِمْ تُحْصِي عَلَيْهِمْ أَعْمَالهم،
إِنَّمَا هَذَا إِلَى الله، فَهُوَ الَّذِي يحفظُ أَعْمَال عباده خيرها وشرها،
وَهُوَ الَّذِي يَتَصَرَّف فِي أُمُور عباده، لا رادَّ لقضائه ولا معقِّبَ لحكمه
عز وجل هَذِهِ الوَكَالَة بِالنِّسْبَةِ لله عز وجل، أَمَّا الوَكَالَة
بِالنِّسْبَةِ للخلق فَهِيَ الإِنَابَة فِي التَّصَرُّف، وَقَد وَكَّلَ النَّبِيُّ
صلى الله عليه وسلم فِي بَعْض الأُمُور كَانَ يرسل العُمَّال عَلَى جباية
الزَّكَاة وتفريقها، وَكَانَ يُؤَمِّر الأُمَرَاء، ويُوَكِّلُ فِي إِقَامَة
الحُدُود، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ إِلَى امْرَأَةِ
هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» ([1]) فوَكَّلَه فِي
إِثْبَات الحَدّ، وفي تنفيذه.
فالوكالة أمر سائغ وَفِيهَا مَصْلَحَة لِلنَّاسِ؛ لأن الإِنْسَان قَد يعجز عَن القيام بكل المهام فَفِي الوَكَالَة إعانة عَلَى القيام بالمهام، وَقَد وَكَّلَ صلى الله عليه وسلم من يشتري لَهُ الأُضْحِيَة، فالوكالة جَائِزَة فِي الشَّرِيعَة، لَكِن لها شُرُوط ولها ضوابط مذكورة فِي بَاب الوَكَالَة من كتبِ الفِقْه ومنها هَذَا البَاب.
([1])أخرجه: البخاري رقم (2724)، ومسلم رقم (1697).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد