×
إِيضَاحُ العبَارَاتِ فِي شَرْحِ أَخْصَرِ المُختَصَراتِ الجزء الثاني

فصل: مباحث الصُّلْح

****

 هَذَا البَاب هُوَ بَاب الصُّلْح وأحكام الجوَار والمرافق العَامَّة، الصُّلْح مصدر من صلح يصلح صلحًا، وَهُوَ ضد الفَسَاد، والإصلاح ضد الإفساد، قَالَ عز وجل: ﴿وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ ٱلۡمُفۡسِدَ مِنَ ٱلۡمُصۡلِحِۚ [البَقَرَة: 220]، هَذَا من ناحية اللُّغَة.

أَمَّا من ناحية الشَّرْع، فالصلح هُوَ معاقدة يتوصل بها إِلَى إصلاحٍ بَين متخاصمين، فالله عز وجل رَغَّبَ فِي الصُّلْح، قَالَ الله عز وجل: ﴿يَسۡ‍َٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡأَنفَالِۖ قُلِ ٱلۡأَنفَالُ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِۖ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَصۡلِحُواْ ذَاتَ بَيۡنِكُمۡۖ [الأَنْفَال: 1] وَقَالَ الله عز وجل: ﴿إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةٞ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَ أَخَوَيۡكُمۡۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ [الحُجُرَات: 10]، وَقَالَ عز وجل: ﴿وَإِنِ ٱمۡرَأَةٌ خَافَتۡ مِنۢ بَعۡلِهَا نُشُوزًا أَوۡ إِعۡرَاضٗا فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡهِمَآ أَن يُصۡلِحَا بَيۡنَهُمَا صُلۡحٗاۚ وَٱلصُّلۡحُ خَيۡرٞۗ وَأُحۡضِرَتِ ٱلۡأَنفُسُ ٱلشُّحَّۚ وَإِن تُحۡسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٗا [النِّسَاء: 128].

فقرن الصُّلْح مَعَ التَّقْوَى، وَقَالَ الله عز وجل: ﴿وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ ٱلۡمُفۡسِدَ مِنَ ٱلۡمُصۡلِحِۚ [البَقَرَة: 220].

فَدَلَّ عَلَى أنه يجازي المصلح بِالإِحْسَانِ، فالصلح خير فِي الجُمْلَة إلا صلحًا أحلّ حَرَامًا، أو حَرَّمَ حلالاً، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إِلاَّ صُلْحًا حَرَّمَ حَلاَلاً أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا» ([1]).

وَالصُّلْح خمسة أنواع:

النَّوْع الأَوَّل: الصُّلْح بَين المُسْلِمِينَ وَالكُفَّار، عَلَى وضع الحَرْب بينهما،


الشرح

([1])أخرجه: أبو داود رقم (3594)، وابن حبان رقم (5091).