فصل: الوَقْف
****
الوَقْف هُوَ تحبيس الأَصْل
وتسبيل المَنْفَعَة، ويكون فِي الأَمْوَال الثَّابِتَة كالأراضي والدور، والدكاكين
والبساتين، والأشجار، بأن يوقفها صَاحبهَا، ولا توهب ولا ينقل الملْك فِيهَا، بل
تبقى وتستثمر وتصرف غلتها فِيمَا أوصى به الواقف والقصد مِنْهُ البرّ والثواب
وَهُوَ الصَّدَقَة الجَارِيَة الَّتِي قَالَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا
مَاتَ الإِْنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ: إِلاَّ مِنْ
صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو
لَهُ» ([1]) هَذِهِ الأُمُور
الثَّلاَثَة يجري عَلَيْهِ أجرها بعد مَوْته، وأَوَّلُهَا الصَّدَقَة الجَارِيَة
وَهِيَ الوَقْف، والجارية: س يَعْنِي المستمرة الَّتِي يستمرُّ نفعها
وَأَجْرهَا.
وَكَذَلِكَ العِلْم
النافع إِذا ألف كتبًا نافعة أو اشْتَرَاهَا وسبلها، أو علم تلاميذه العِلْم
النافع، فَإِذَا انْتَشَرَ علمه فإنه يبقى لَهُ الأَجْر ما بقي هَذَا العِلْم،
فالأئمة والعلماء الَّذِينَ ألَّفُوا المؤلفات فِي الحَدِيث وفي التَّفْسِير وفي
النَّحْو وفي فنونِ العِلْم لينفعوا المُسْلِمِينَ بها يجري أجرها عَلَيْهِمْ، وهم
أموات ومن مئات السِّنِين، وَهَذَا فضل عَظِيم، «وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ»،
هَذَا فيه فضل تربية الأَوْلاَد عَلَى الصَّلاَح وأن المسلم يربي أولاده عَلَى الخَيْر
حَتَّى إِذا مَاتَ يَدْعُو لَهُ، ويستمرَّ أَجر دُعَائِهِم لَهُ.
وَالصَّحَابَة ما مِنْهُمْ من أَحَد لَهُ جدة يَعْنِي غنى إلا وقف فإنهم لما عرفوا فضل الوَقْف تبادروا إِلَيْهِ، فوقفوا أوقافًا مِثْل وقف عمر رضي الله عنه أَرْضه الَّتِي فِي خيبر، فَالصَّحَابَة يقفون من أموالهم، طلبًا للأجر.
الصفحة 1 / 348
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد