****
لما فَرَغَ
المُؤَلِّفُ رحمه الله من بَيَان أَحْكَام الصَّلاَة الَّتِي هِيَ الرُّكْن
الثَّانِي من أَرْكَان الإِسْلاَم بعد الشَّهَادَتَيْنِ، انْتَقَلَ إِلَى بَيَان
أَحْكَام الرُّكْن الثَّالِث من أَرْكَان الإِسْلاَم وَهُوَ الزَّكَاة؛ لأن
الزَّكَاة قرينة الصَّلاَة فِي كِتَاب الله عز وجل؛ حَيْثُ قُرِنَت مَعَهَا
فِي آيات كَثِيرَة من القُرْآن، مِمَّا يُبيِّن أَهَمِّية الزَّكَاة وتَأكُّدَها
فِي الإِسْلاَم.
وَالزَّكَاة فِي
اللُّغَة: النَّمَاء وَالزِّيَادَة والطهارة، فَالزَّكَاة تُطلَق ويُراد بها نَمَاء
الشَّيْء وزيادته، يُقَال: زَكَى المَالُ إِذا نَمَا وزَادَ.
وتُطلَق عَلَى
الطَّهَارَة: فيُقال: زَكَّى الأَرْضَ، يَعْنِي: طَهَّرَهَا من النَّجَاسَة، وَيُرَاد
بها زَكَاة النَّفْس والأخلاق، أي: طهارتها من الدَّنَس والأخلاق الرديئة، كما
قَالَ عز وجل: ﴿قَدۡ
أَفۡلَحَ مَن زَكَّىٰهَا﴾ [الشمس: 9]، يَعْنِي: طَهَّرَهَا مِن الذُّنُوب ومن
المعاصي.
والمُراد
بِالزَّكَاةِ هُنَا: مِقْدَارٌ من المَال يَجِب فِي أَمْوَالٍ مَخْصُوصَةٍ
يأتي بيانها لأناسٍ مخصوصين، فَهِيَ حَقٌّ فِي مَال الأَغْنِيَاء للفقراء
والمساكين، قَالَ عز وجل: ﴿وَٱلَّذِينَ فِيٓ أَمۡوَٰلِهِمۡ حَقّٞ مَّعۡلُومٞ ٢٤ لِّلسَّآئِلِ وَٱلۡمَحۡرُومِ﴾ [المعارج: 24، 25] سُمِّيَت
زَكَاة: لأَِنَّهَا تُطَهِّر النُّفُوسَ من أدران البُخْل والشحِّ وتُنَمِّي
المَالَ، وتُسَبِّب بَرَكَتَه ونماءَهُ، وتُنَمِّي أَيْضًا الفقراء والمحتاجين،
فَهِيَ تنمية كما يُعبَّر الآنَ، فَالزَّكَاة تنمية للمجتمع، تُعطَى للفقراء
والمحتاجين فتَرفَع من حاجاتهم وتواسيهم، فَهِيَ من محاسن الإِسْلاَم، والإسلام
كله - ولله الحَمْد - محاسن، وَمِنْ أَعْظَمِهَا الزَّكَاة،
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد