×
إِيضَاحُ العبَارَاتِ فِي شَرْحِ أَخْصَرِ المُختَصَراتِ الجزء الثاني

 فكَمَا أَنَّ الصَّلاَة عبَادَة بدنية، فَالزَّكَاة عبَادَة مَالِيَّة، وَقَد اختلف العُلَمَاء متى فُرضَت الزَّكَاة، والمشهور أنها فُرضَت فِي المَدِينَة بعد الهجرة، وَأَمَّا الصَّلاَة فَإِنَّهَا فُرضَت فِي مَكَّة قبل الهجرة لَيْلَة المعراج، ومن العُلَمَاء من يرى أن الزَّكَاة فُرضَت فِي مَكَّة، ويستدلون عَلَى ذَلِكَ بِآيَات مكية ذُكرَت فِيهَا الزَّكَاة، قَالَ عز وجل: ﴿قَدۡ أَفۡلَحَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ١ ٱلَّذِينَ هُمۡ فِي صَلَاتِهِمۡ خَٰشِعُونَ إِلَى قَوْله عز وجل: ﴿وَٱلَّذِينَ هُمۡ لِلزَّكَوٰةِ فَٰعِلُونَ [المؤمنون: 1- 4]، وَقَالَ عز وجل: ﴿قُلۡ إِنَّمَآ أَنَا۠ بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡ يُوحَىٰٓ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞ فَٱسۡتَقِيمُوٓاْ إِلَيۡهِ وَٱسۡتَغۡفِرُوهُۗ وَوَيۡلٞ لِّلۡمُشۡرِكِينَ ٦ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ كَٰفِرُونَ [فُصِّلَتْ: 6، 7]، وَقَالَ عز وجل: ﴿وَمَآ ءَاتَيۡتُم مِّن رِّبٗا لِّيَرۡبُوَاْ فِيٓ أَمۡوَٰلِ ٱلنَّاسِ فَلَا يَرۡبُواْ عِندَ ٱللَّهِۖ وَمَآ ءَاتَيۡتُم مِّن زَكَوٰةٖ تُرِيدُونَ وَجۡهَ ٱللَّهِ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُضۡعِفُونَ [الروم: 39]، وهذه الآيَات مكية، فَهَذَا دَلِيل عَلَى أنها فُرضَت فِي مَكَّة، ولعل التَّوْفِيق بَين القولين أن الزَّكَاة فُرضَت فِي مَكَّة، لَم تُفَصَّل أحكامها وتُنفَّذ ويُبعَث لها السُّعَاة والجباة إلا بعد الهجرة، أو يُقَال: المراد بِالزَّكَاةِ فِي الآيَات المكية زَكَاة النُّفُوس وتطهيرها من المعاصي والأخلاق الرذيلة.

وَعَلَى كلِّ حَالٍ الزَّكَاة هِيَ أَحَد أَرْكَان الإِسْلاَم الخَمْسَة؛ كما قَالَ صلى الله عليه وسلم: «بُنِيَ الإِْسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ» ([1])، ولما بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم معاذًا إِلَى اليَمَن معلِّمًا ومرشِدًا وداعيًا إِلَى الله وقاضيًا قَالَ لَهُ: «إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ،


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (8)، ومسلم رقم (16).