×
إِيضَاحُ العبَارَاتِ فِي شَرْحِ أَخْصَرِ المُختَصَراتِ الجزء الثاني

 فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ عِبَادَةُ اللهِ عز وجل، فَإِذَا عَرَفُوا اللهَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللهَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِهِمْ وَلَيْلَتِهِمْ، فَإِذَا فَعَلُوا، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكَاةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» ([1]). وَلِذَلِكَ اهتم بها النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ يَحُثُّ عَلَيْهَا، ويَبعَث السُّعَاة والجباة لجبايتها وقَبضِها من الأَغْنِيَاء ليُوصِلَها إِلَى مستحِقِّيها، وسار عَلَى هَذَا خلفاؤه الراشدون مِنْ بَعْده، ولما أَرَادَت قبائل من العَرَب مَنْعَهَا بعد وَفَاة الرَّسُول صلى الله عليه وسلم قاتَلَهم الصِّدِّيق أَبُو بكر رضي الله عنه حتى أَخضَعَهُم لها فَأَدَّوْهَا، وَقَالَ: «وَاللهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ»، وَقَالَ: «وَاللهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهِ» ([2]) مِمَّا يدل عَلَى أَهَمِّية هَذَا الرُّكْن العَظِيم بِحَيْثُ إن مَن مَنَعَه يُقاتَل حَتَّى يُؤْخَذ مِنْهُ. وَالَّذِي يَمنع الزَّكَاة لا يَخْلُو من أَحَد حالين:

الحَال الأَوَّل: أن يَكُون جاحدًا لِوُجُوبِهَا، فَهَذَا يَرتَد عَن دِين الإِسْلاَم بِالإِجْمَاعِ، يُسْتَتَاب فإن تَابَ وإلا قُتِل.

الحَال الثَّانِي: إن كَانَ مَنَعَها بُخْلاً بها مَعَ اعْتِرَافه بِوُجُوبِهَا، فإن الحَاكِم يأخذها مِنْهُ قهرًا؛ لأَِنَّهَا حَقّ وَجَبَ عَلَيْهِ لغيره فامتناعه ظُلْمٌ، فيأخذها قهرًا من ماله، وَإِذَا كَانَ لَهُ شوكة ومنعة، فإنه يُقاتَل عَلَيْهَا، كما حَصَلَ من بَعْض القبائل فِي خلافة أَبِي بَكْر الصّديق رضي الله عنه؛


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (1458)، ومسلم رقم (19).

([2])أخرجه: البخاري رقم (1399)، ومسلم رقم (20).