ويُجْبَرُ الممتنعُ بَين الشُّرَكَاء عَن أَدَاء
نصيبه من تكاليف الإصلاح فَهَذِهِ بَعْض أَحْكَام الجوَار باختصار، وَهَذَا يدلُّ
عَلَى كَمَال هَذِهِ الشَّرِيعَة، وكمال هَذَا الدّين وأنه يُرَاعي حُقُوق النَّاس
ويرفع المظالم ويحقق المصَالِح، مِمَّا يدل عَلَى أن الدّين، لَيْسَ مقصورًا عَلَى
العِبَادَة، وَإِنَّمَا العِبَادَة هِيَ الأَصْل، وَلَكِن الدّين أَيْضًا يتناول
أُمُور الدُّنْيَا وينظم أَحْوَال المُسْلِمِينَ، هَذِهِ أَحْكَام مدنية كما
يسميها أَصْحَاب القانون يبجحون بقانونهم، وَهُوَ نظام بشري يدخله الخَطَأ، أَمَّا
نظام الشَّرِيعَة فَهُوَ نظام كامل، فَالشَّرِيعَة سبقت الأُمَم والدول فِي إصلاح
المدن والقرى، وإزالة الأضْرَار عَن النَّاس وعن المجتمعات، فهم يتبجحون الآنَ بأن
حدائقهم ومرتفقاتهم نظيفة ومنظمة، ومرتفقات المُسْلِمِينَ مدمرة وموسخة، نَقُول:
هَذِهِ تَصَرُّفَات النَّاس، وَأَمَّا الشَّرْع فإنه يمنع من هَذَا فلو نُفِّذَ
الشَّرْع لتفوقت الشَّرِيعَة عَلَى نظم البشرية فِي هَذَا وفي غَيره، فَكَوْنهُمْ
يتنقصوننا بِسَبَب فعل بعضنا أو فعل سفهائنا هَذَا لا يضرُّ شَرِيعَتنَا،
الشَّرِيعَة كاملة، لَكِنَّهَا قَد لا تنفذ، فلو نفذت ما تَبَجَّحُوا علينا
بمدنيتهم وحضارتهم، فالإسلام دين حضارة، ومدنية، والإسلام عبَادَة ومعاملة، ونظام
عام وخاص، ما ترك شَيْئًا إلا نظمه لِلنَّاسِ، بالعدل لا بالجور وبالوحي، لا
بالنظريات البشرية، وَإِنَّمَا هُوَ تنظيم من حكيم حميد، يعلم مصَالِح عباده، فما
يحصل عِنْدَ المُسْلِمِينَ من نقصٍ أو تأخر فَإِنَّمَا هُوَ بسببهم وتفريطهم، لا
لنقصٍ فِي الشَّرِيعَة المطهرة.
***
الصفحة 4 / 348
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد