×
إِيضَاحُ العبَارَاتِ فِي شَرْحِ أَخْصَرِ المُختَصَراتِ الجزء الثاني

 أَمَّا بدون إصلاح العَقِيدَة فَلاَ يمكن أن يجتمعوا إِنَّمَا يجتمعون عَلَى كِتَاب الله، وَعَلَى سنة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لا عَلَى الأَهْوَاء والمذاهب والفرق والنحل، لا يجمعهم إلا ما جمع أولهم، كما قَالَ الإِمَامُ مالك رحمه الله: «لا يُصْلِحُ آخِرَ هَذِهِ الأُمَّةِ إِلا مَا أَصْلَحَ أَوَّلَهَا))، فَلَمَّا كَانَت عَقِيدَة المُسْلِمِينَ وَاحِدَة كَانُوا متحدين ومجتمعين، ولما اختلفت عَقَائِدهم تفرقوا وتقاتلوا، قَالَ الله عز وجل: ﴿وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا ٱقۡتَتَلَ ٱلَّذِينَ مِنۢ بَعۡدِهِم مِّنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُ وَلَٰكِنِ ٱخۡتَلَفُواْ فَمِنۡهُم مَّنۡ ءَامَنَ وَمِنۡهُم مَّن كَفَرَۚ [البقرة: 253]، وَهَذَا ما حَذَّرَ الله مِنْهُ، وَقَالَ عز وجل: ﴿وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخۡتَلَفُواْ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُۚ [آل عمران: 105]، وَقَالَ عز وجل: ﴿وَٱعۡتَصِمُواْ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِيعٗا وَلَا تَفَرَّقُواْۚ [آل عمران: 103]، فَلاَ يمكن الاِجْتِمَاع إلا بالاعتصام بحبل الله وَهُوَ القُرْآن والسنة.

قَوْله: «ولو من عدلٍ» أي رُؤْيَة هِلاَل رمضان تثبت برؤية واحد عدل، فَإِذَا شهد واحد بأنه رأى الهلال وَهُوَ عدل، فإنه تقبل شَهَادَته؛ ويثبت لِذَلِكَ دُخُول الشَّهْر.

وَالدَّلِيل عَلَى ذَلِكَ: الرَّسُول صلى الله عليه وسلم صام برؤية واحد، قَالَ ابْن عمر رضي الله عنهما: «تَرَاءَى النَّاسُ الْهِلاَلَ، فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنِّي رَأَيْتُهُ فَصَامَه وَأَمَرَ النَّاسَ بِصِيَامِهِ» ([1])، جَاءَ أعرابي إِلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ الْهِلاَلَ، قَالَ الْحَسَنُ فِي حَدِيثِهِ: يَعْنِي رَمَضَانَ، فَقَالَ: «أَتَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ» قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ»


الشرح

([1])أخرجه: أبو داود رقم (2342)، والدارمي رقم (1733)، وابن حبان رقم (3447).