فحُجُّوه، فبلَغ
صوتُه أهلَ الأرضِ المشارقَ والمغاربَ حتَّى الأجِنَّة في بطونِ الأمَّهات وحتَّى
ما في أصلابِ الرِّجال ([1]).
فكلُّ من حجَّ أو اعتمرَ هذا البيتَ إلى يومِ القيامةِ فإنَّه مُجيبٌ لهذا النداء «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لاَ شَرِيكَ لَكَ» فهذه التَّلبيةُ إجابةٌ لهذا النِّداء الذي نادَى به إبراهيم عليه السلام ولهذا قال: ﴿ وَأَذِّن فِي ٱلنَّاسِ بِٱلۡحَجِّ يَأۡتُوكَ رِجَالٗا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٖ ﴾ [الحج: 27].﴿ يَأۡتُوكَ ﴾ [الحج: 27] جوابُ الأمرِ إذا أذَّنت للنَّاسِ يأتوك ولذلك هو مجزوم، ﴿ رِجَالٗا ﴾ [الحج: 27]: أي ماشين، ﴿ وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٖ ﴾ [الحج: 27]: أي راكبين، فيُبادِرون ويأتون مُشَاة وركبانًا، والضَّامر: هي النَّاقةُ الهَزيلة التي أهزَلها طولُ السَّفر وطولُ المَشي، كانوا في ذلك الوقتِ يركبون الإبل، فالحُجَّاجُ يأتون راكبين وماشين على ما يسَّر اللهُ لهم في كل وقتٍ بحسَبه، يركبون الإبلَ ويركبون السَّيَّارات ويركبون الطَّائرات ويَركبون البواخرَ بما سخَّر اللهُ لهم في البرِّ والبحرِ وفي الجو، ولهذا تَمتلِئُ الأجواءُ والبَرَاري والبحارُ في أيَّامِ الحجِّ من الوفودِ إلى بيتِ اللهِ العتيق، وهذا من أكبرِ العِبَر والدَّلائلِ على قدرةِ الله سبحانه وتعالى. ومن أكبرِ الدَّلائلِ على فضلِ هذا البيتِ الشَّريفِ الذي تَهفُو إليه قلوبُ المؤمنين في كلِّ مكان، ولا يَشبعون منه ومن الإتيانِ إليه ﴿ مِن كُلِّ فَجٍّ ﴾ [الحج: 27] هو الطَّريق بينَ الجبال، ﴿ عَمِيقٖ﴾ [الحج: 27] يعني: بعيدًا في الأرضِ كما تَرون الحُجَّاج يأتون من أقصَى الدُّنيا ومن أدناها، يأتون من المَشرقِ والمَغربِ والشِّمال والجنوب؛ إجابةً لهذا النِّداءِ الإلهي على لسانِ الخَليل، باختلافِ ألوانِهم
([1])أخرجه: الحاكم (3464) بنحوه.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد