27- دَرسٌ في مَنافعِ الحَجِّ
بسم الله الرحمن
الرحيم. الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى اللهُ، وسلَّمَ علَى نَبِيِّنا محمد
وعلى آله وأصحابه أجمعين.
اللهُ سبحانه وتعالى
علَّلَ تشريعَ الحَجِّ، فقالَ: ﴿ لِّيَشۡهَدُواْ مَنَٰفِعَ لَهُمۡ
﴾ [الحج: 28].
فالحجُّ فيه منافعُ عظيمةٌ، واللهُ جل وعلا لم يحدِّدْها؛ لأنَّها كثيرة، والناسُ
يختلِفُونَ في تحصيلِ هذه المنافعِ، فمِنهُم مَن لا يَحصُلُ مِن هذه المنافعِ
عَلَى شيءٍ، ومنهم مَن يَحصُلُ على منافِعَ كثيرةٍ، ومنهم مَن يَحصُلُ عَلَى
منافِعَ قليلةٍ.
فهذا الحَجُّ عبادةٌ
عظيمة فيها منافِعُ يمتازُ بها عن سائِرِ العبادات، مع أنَّ العباداتِ كُلَّها
فيها منافِعُ، ولكنَّ الحجَّ - بالذَّاتِ - منافِعُهُ أكْثَرُ؛ لأنَّهُ العبادةُ
التي يجتمعُ لها العالَمُ الإسلامِيُّ مِن أقطارِ الأرضِ فِي مكانٍ واحدٍ،
ويُؤَدُّونَ مناسك واحدة تجمعُهم، ويَتَزَيُّونَ بزِيٍّ واحدٍ، وهو الإحرامُ،
وَيتساوونَ في المنازلِ في عرفةَ وفي مُزدَلِفةَ وفي مِنَى، لا فَضلَ لِهذا على
هذا.
ولأنَّهُم في مسجدٍ
واحدٍ، وهو مكانُ المناسكِ، والله جل وعلا جَعلَ المسجِدَ الحرامَ للنَّاسِ سواءً
العاكِفُ فيه والبَادِ، وتوَعَّدَ مَن يُؤذِي النَّاسَ فيه أو يمنعُهم من بعضِ
مناسك الحَجِّ أو أَمْكِنَته، بأن اللهَ يُذيقُه عذابًا أليمًا، مِمَّا يدلُّ على
أنَّ هذا الحج فيه منافع عظيمة، ومنها:
أولاً: اتِّحادُ
جماعةِ المسلمين من أقطارِ الأرض، وتعاوُنُهم فيما بينَهُم، وتآلُفُهم فيما
بينَهُم، وتبادُل العِلْم والفِقْهِ فيما بينَهُم، وذلك بالسُّؤالِ والتَّلقِّي
مِن العُلَماءِ، ويرجِعُ الحاجُّ مُتفَقِّهًا في دِينِه متبصِّرًا في
الصفحة 1 / 698
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد