×
دروس وفتاوى الحج

عقيدتِه؛ لأنَّهُ يتعلَّمُ من الحج، يتعلَّمُ العقيدةَ، يتعلَّمُ أداءَ العباداتِ، الصلاةِ وغيرِها؛ فهو يُصلِّي في هذه المشاعر في المسجد الحرام مع إخوانِهِ المسلمين، ويرَى كيفَ يُؤدِّي المسلمُ الصَّلاةَ خاليةً مِن البِدَع والشِّرْكِيَّات، صلاةً خالصةً لله عز وجل، فإذا ذهب إلى بلَدِهِ استمرَّ علَى أداءِ هذه الصَّلاةِ على الصِّفَةِ التي رأى عليها المسلمينَ في هذه المشاعرِ، ويُحافظ عليها؛ لأنَّهُ رأَى المسلمينَ يُحافِظُونَ عليها في أوقاتِها، فيتعلَّمُ الاهتمامَ بالصَّلاةِ بعدَ الاهتمامِ بالعقيدةِ؛ لأنَّهُ حينما يُلبِّي يقولُ: «لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ»، هذا نَفْيٌ للشِّركِ؛ لأنَّ اللهَ ليس له شريكٌ في عبادتِه كما أنَّهُ ليس له شريكُ في رُبُوبيَّتِه ومُلكِه، وليس له شريكٌ في أسمائِهِ وصِفَاتهِ، فهو يتعلَّمُ العقيدةَ، ويُصرِّحُ بذلك، بأنَّ الله لا شريكَ له، فيتعلَّم أنَّ الشِّرْكَ باطلٌ، وأنَّهُ مَنفيٌّ، وأنَّ المسلمَ يتبرَّأُ مِنه مِن أَوَّلِ كَلِمةٍ يقولُها حِينما يُحْرِمُ: «لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لاَ شَرِيكَ لَكَ»، ثُمَّ يتعلَّمُ الصلاةَ والمُحافظةَ عليها، ثم يتعلَّمُ الإكثارَ مِن ذِكْرِ اللهِ بالتَّهليلِ والتَّكبِيرِ والتَّحمِيدِ، ويتعَلَّم أنَّ هذِه المناسِكَ إِنَّمَا هِيَ تَربِيَةٌ للمسلم، وتصحيحٌ لأخطائِهِ وسُلُوكِه، أو زيادة في عِلْمِه وتبصُّرِه، ولو بَقِيَ في بلدِه، وبقِيَ كُلُّ مسلمٍ في بلَدِهِ، ولمْ يَحصُلْ هذا اللِّقاءُ لَبَقِيَ الجاهلُ في جهلِهِ، وبَقِيَ الذي عندهُ سُوءُ اعتقادٍ على سُوءِ عقيدتِه؛ فهذا من حِكْمَةِ اللهِ أنَّ المسلمينَ يَلتقُونَ، فيتعلَّمُونَ أمور دِينِهِم عَمليًّا، ثم يرجعونَ، وقد تعلَّمُوا، وتعلَّمُوا أيضًا المحبَّةَ بينَ إخوانِهِم المسلمين، أنَّ المُسلمَ أخو المُسلمِ؛ فيزُولُ ما كانَ مِن الفُرْقَةِ والاختلافِ، فَيزولُ ما كان مِن جهلِ بعضِهم لبعضٍ، أو عدَمِ معرفةِ بَعضِهم لبعضٍ؛ فهذا مِن مَنافعِ الحَجِّ.


الشرح