×
دروس وفتاوى الحج

ثانيًا: أنَّ المسلمَ يَستفيدُ مِن ناحيةِ دُنياهُ مِن بَيعٍ وشراءٍ، يَقْدَمُ بِسِلَع، ويَبِيعُها، ويشتري، قال تعالى: ﴿ لَيۡسَ عَلَيۡكُمۡ جُنَاحٌ أَن تَبۡتَغُواْ فَضۡلٗا مِّن رَّبِّكُمۡۚ [البقرة: 198] .

المراد بذلك: البيعُ والشِّراءُ أو التَّأجِير: يُؤجِّرُ نفسَهُ للعمل، أو يؤجِّرُ سيارتَهُ، فهذا من طلَبِ فَضْلِ الله، وهو الرِّزقُ؛ لِيَستعينَ بذلك على طاعةِ اللهِ، ويستفيد من ذلك أيضًا طلب الرزق من الوجه الحلال، وعدم الغش وعدم الكذب في معاملته، يَستفيدُ - كذلك - العطفَ على إخوانهِ المحتاجينَ والضُّعَفاء والمساكينَ، يستفيدُ - كذلك - الرَّحمة بالمَرْضَى والضَّعَفةِ والمساكينَ وكِبَار السِّنِّ؛ لأنَّهُم إخوانُه وآباؤُه وأبناؤُه، وهو عُضو مِن هذا المُجتَمعِ الإسلاميِّ الكبيرِ، كما قالَ صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ الْمُؤمنِينَ فِي توادِّهم وتعاطفهم وتراحمهم مَثَلُ الْجَسَد، إِذا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْو تداعى سَائِر الْجَسَد بالسهر والحمى» ([1])، وقال صلى الله عليه وسلم: «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ» ([2]).

فيستفيد المسلمُ مِن هذا الحَجِّ العطفَ والرَّحْمةَ عَلَى إخوانهِ الضَّعَفةِ في أبدانِهِم والضَّ عَفَةِ في أموالِهِم.

كذلك يستفيدُ المسلمُ مِن هذا الحجِّ التواضعَ للهِ عز وجل؛ لأنه إذا رأى المُلوكَ والرُّؤساءَ والأثرياءَ والتُّجَّار، كُلُّهُم يشاركونَ إخوانَهُم المُسلمينَ، لا مِيزةَ لهذا على هذا، يُشارِكُونَهم الوقوفَ بعَرَفَةَ والمبيتَ بالمُزدَلِفَةِ وفي مِنَى ورَمْيِ الجِمَار والطَّوَاف والسَّعي بينَ الصَّفا والمَرْوَة، لا فَرْقَ بينَ هذا وهذا حتَّى في الزِّيِّ، فيتعلَّم مِن ذلك عَنِ الإسلامِ ومُساواتِه. فَهُم


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (6011)، ومسلم رقم (2586).

([2])أخرجه: البخاري رقم (6026).