ثم لمَّا كان صبيحةُ
اليوم التَّاسعِ ذهَب إلى عَرَفَةَ. فالبقاءُ في مِنًى هذا اليومَ وهذه اللَّيْلةَ
سُنَّةٌ، مَنْ فعَلها فهو أَكْمل وأَكْثرُ أَجْرًا، ومَن لمْ يفعلْ فلا حرجَ عليه،
لو ذهب إلى عَرَفَةَ هذا اليومَ أَوْ تلك اللَّيلةَ، ونزَل فيها فلا مانعَ، لكنْ
يكون تاركًا لسُنَّةٍ من سُنَنِ الحجِّ.
والأَفْضل أَنَّ
المتحلِّل من إِحْرامه أَنْ يُحرِمَ قبلَ الظُّهْرِ؛ لأَجْل أَنْ يبقى هذا اليومَ
وتلك اللَّيْلةَ مُحرِمًا، يكون ذلك أَكْملَ أَجْرًا، وإِنْ أخَّر الإِحْرامَ ولم
يُحرِم إِلاَّ في اللَّيل، أَوْ من الغد فلا بأْسَ بذلك، لكنَّ كونَه يُحرِم في
هذا اليومِ أَفْضلُ؛ ليستكملَ الأَجْر والثَّوابَ.
وعلى الحاجِّ أَنْ
يتفقَّه في المناسك ويعرفَ كيف يُؤَدِّي مناسكَه، يقرأُ من المختصرات الميسرةِ في
صفة الحجِّ والعمرةِ، ويسأَلُ أَهْلَ العلم، يبحث مع إِخْوانه فيما أَشْكل عليه،
ولا يبقى على جهله، أَوْ يعتمدُ على فهمه، قد يكون فهمُ خطأٍ، السُّؤَال يزول به
الجهلُ ولله الحمد، كذلك قراءةُ الكتُب المفيدةِ النَّافعةِ الموثوقةِ، التي
أَلَّفها العلماءُ المعروفون بالعلم، يستفيد منها الإِنْسان إذا قرأَها قراءَةً
واضحةً بيِّنةً، ويستفيد من سُؤَال أَهْلِ العلم، ويستفيد من المباحثة أَيْضًا مع
إِخْوانه من طلبة العلم والحُجَّاجِ، ربَّما يكون الإِنْسان عاميًّا لكنَّه قد
حجَّ عدَّة مرَّاتٍ، ويكون قد فهِم المناسكَ بالعمل فبيَّن لإِخْوانه الذين لم
يحجُّوا مِنْ قبلُ. يُبيِّن لهم كيفيةَ الحجِّ، وهذا نوعٌ من التَّعلُّم،
الإِنْسانُ لا يحقر السُّؤَال، ولا يبقى على جهله وعلى فهمه بدون أَنَّه يعرضه على
أَهْل العلم، وعلى إِخْوانه الذين جرَّبوا الحجَّ، حجُّوا وعرفوا المناسك بالعمل
والفعلِ والتَّطْبيقِ، وهذا هو المقصود بارك اللهُ في الجميع.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد