×
دروس وفتاوى الحج

تَتَقَلَّبُ فِيهِ ٱلۡقُلُوبُ وَٱلۡأَبۡصَٰرُ [النور: 36- 37]. وقوله تعالى: ﴿ فَٱبۡتَغُواْ عِندَ ٱللَّهِ ٱلرِّزۡقَ وَٱعۡبُدُوهُ وَٱشۡكُرُواْ لَهُۥٓۖ [العنكبوت: 17]. فلا تنافي ولا تضادَّ بين كون المسلم يُؤَدِّي الفرائِض من حجٍّ أَوْ عمرةٍ أَوْ صلاةٍ وهو مع ذلك يطلب الرِّزْقَ الحلالَ من الله سبحانه وتعالى، فلا يقتصر المسلم على الصَّلاة والعبادة فقط ويكون عالةً على غيره، ولا يقتصر على طلب الدُّنْيا وطلبِ الرِّزْق ويتساهل في عبادة الله عز وجل وأَداءِ الفرائِض، بلْ يجمع بين الأَمْرين.

وسببُ نزولِ هذه الآيةِ، أَنَّ قومًا مِنْ أَصْحابِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم تحرَّجوا من الاتجار في موسم الحجِّ؛ خوفًا أَنْ يُؤَثِّرَ طلبُ الرِّزْق على عبادتهم لله، فأنزل الله هذه الآية؛ ليُبيِّن لهم أَنَّه لا مانع من طلب الرِّزْقِ الحلالِ في الأَوْقات المناسبةِ، مع أَداءِ فرائِض الله عز وجل في مواقيتها وهَيْئَاتِها الشَّرعيَّةِ.

ثم قال جل وعلا: ﴿ فَإِذَآ أَفَضۡتُم مِّنۡ عَرَفَٰتٖ فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ عِندَ ٱلۡمَشۡعَرِ ٱلۡحَرَامِۖ [البقرة: 198] ﴿ فَإِذَآ أَفَضۡتُم مِّنۡ عَرَفَٰتٖ فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ عِندَ ٱلۡمَشۡعَرِ ٱلۡحَرَامِۖ [البقرة: 198] أفضتم من عرفاتٍ أَيْ: دفعتم بعد الوقوف فيها يومَ التَّاسع، الذي هو الرُّكْن الأَعْظمُ مِنْ أَرْكان الحجِّ، إذا أَفَضْتم منها بعد الوقوف فيها، فاذْكُروا الله عند المشعر الحرام، وهو: المُزْدَلِفَةُ، وذلك بالنُّزول في المُزْدَلِفَةِ ليلةَ العاشر بعد الإِفاضة من عرفاتٍ، ينزل الحُجَّاج في مُزْدَلِفَةَ تلك اللَّيلةَ، ويبيتون فيها، والمَبِيْتُ فيها واجبٌ من واجبات الحجِّ ﴿ فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ [البقرة: 198] بالصَّلاة في المُزْدَلِفَةِ، صلاةِ المَغْرِبِ، وصلاةِ العِشَاءِ وصلاةِ الفَجْرِ، وبالدُّعاءِ وذِكْرِ الله عز وجل والتَّلْبية في هذا المكانِ العظيمِ وهو المَشْعَرُ الحَرَامُ وما حوله، 


الشرح