فالوقوف
بالمُزْدَلِفَةِ والمَبِيْتُ فيها بعد الدَّفْع من عَرَفَةَ واجبٌ مَنْ واجبات
الحجِّ؛ لأَنَّ اللهَ أَمَرَ بذلك فقال: ﴿ فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ عِندَ ٱلۡمَشۡعَرِ ٱلۡحَرَامِۖ ﴾ [البقرة: 198] والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بيَّن لنا
كيف نذكر الله عند المشعرِ الحرامِ، حيث بات فيها وصلَّى فيها صلاةَ المَغْرِبِ
وصلاةَ العِشَاءِ جمعًا وقَصْرًا للعشاء، ثم بات إلى طلوع الفَجْرِ، ثم صلَّى
الفَجْرَ فيها مُبَكِّرًا، ثم تفرَّغ للدُّعاءِ قُبَيْلَ طلوع الشَّمس، فتبيَّن في
هذا معنى قوله تعالى: ﴿
فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ عِندَ ٱلۡمَشۡعَرِ ٱلۡحَرَامِۖ
﴾ [البقرة: 198]
ورخَّص صلى الله عليه وسلم للضَّعفة بأَنْ ينفروا من مُزْدَلِفَةَ بعد غَيْبُوبَةِ
القَمَرِ، أَوْ بعد منتصف اللَّيل؛ نظرًا لحاجتهم لذلك لضعفهم، وأَنَّ بقاءَهم إلى
الفَجْرِ يشُقُّ عليهم، فرخَّص لهم صلى الله عليه وسلم بالإفاضة من مُزْدَلِفَةَ
إلى مِنًى.
ثم قال: ﴿ وَٱذۡكُرُوهُ كَمَا هَدَىٰكُمۡ
﴾ [البقرة: 198]
أَيْ: اشكروا الله جل وعلا على نعمته التي أَنْعم بها عليكم، وهي أَنَّه هداكم
لدِين الإِسْلام، ووفَّقكم لهذا الحجِّ العظيمِ، وهذه المناسكِ العظيمةِ، هذا من
أَعْظمَ نِعَمِ الله عليكم، اذْكروا الله جل وعلا بالتَّلْبية وبالدُّعاءِ
والتَّضرُّعِ إلى الله سبحانه وتعالى، والإِقْبالِ على الله كما هداكم للإِسْلام،
ووفَّقكم لحجِّ بيتِه الحرامِ ﴿ وَإِن كُنتُم مِّن قَبۡلِهِۦ لَمِنَ ٱلضَّآلِّينَ ﴾ [البقرة: 198] أي قبل: هداية الله لكم ببعثة مُحَمَّدٍ ﴿ لَمِنَ ٱلضَّآلِّينَ ﴾ [البقرة: 198] المُنْحرفين عن الحقِّ إلى الشِّرك وإلى
الكفر، ولمَّا بعَث اللهُ لكم هذا الرَّسولَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم هداكم
به إلى الإِسْلام؛ فعرفتم الحقَّ من الباطل وعرفتم الدِّينَ الصَّحيحَ من الدِّين
الباطلِ، هذه أَعْظمُ نِعَمِ الله التي تستحقُّ الشُّكر لله عز وجل وذلك
بالتَّمسُّك بهذا الدِّينِ العظيمِ والتَّعرُّفِ عليه والعملِ به.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد