بِالْبَيْتِ، إِلاَّ أَنَّهُ قَدْ خُفِّفَ عَنِ
الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ» ([1])، فالحائضُ
والنُّفَساءُ ليس عليهما طوافُ وداعٍ، وأَمَّا غيرُهما فإِنَّ طوافَ الوداع واجبٌ
من واجبات الحجِّ، وهو على كلِّ حالٍ يخرج من مَكَّةَ بعد الحجِّ، لا بدَّ أَنْ
يطوف للوداع، سواءً خرَج من مَكَّةَ لمسافة طويلةٍ أَوْ قصيرةٍ، فالذي أَهْله في
جده أو في الشرائع، أو في الزيمة، أو في بحرة، ولو كان قريبًا من مَكَّةَ، لا بدَّ
أَنْ يطوفَ للوداع؛ لأَنَّه على كلِّ خارجٍ من مَكَّةَ، ولو أَنَّه أَخَّر طوافَ
الإِفَاضة، وطافه عند السَّفر بنيَّة الإِفَاضة فإِنَّه يُجْزِئُه عن الوداع؛
لأَنَّه يصدق عليه أَنَّه آخِرُ عهدِه بالبيت، هذه هي المسأَلة التي يُجزِئُ فيها
طوافُ الإفاضة عن طواف الوداع، ولو سعى بعده فإِنَّ السَّعيَ لا يُؤَثِّر على
أَنَّه طواف للإفاضة ويُغْني عن طواف الوداع؛ لأَنَّه يصدُق عليه أَنَّه آخر عهدِه
بالبيت، ولأَنَّ السَّعي تابعٌ للطَّواف ومقترنٌ به، فلا يُؤَثِّر على إِجْزاءِ
طواف الإِفاضة عن طواف الحجِّ.
هذه الأُمورُ التي يجب على المسلم أَنْ يعرفَ أَحْكامها، وأَنْ يعملَ بها، وأَنْ يَسْأَلَ عمَّا يجهله منها، ولا يبقى على جهله، ولا يسأَلُ من لا يعلم، بل يسأَلُ أَهْلَ العلم، قال تعالى: ﴿ فَسَۡٔلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ ﴾ [الأنبياء: 7]. لأَنَّ بعضَ النَّاس يسأَلُ من يحسن به الظَّنَّ، أَوْ يحسب أَنَّه طالبُ علمٍ، ثم يُفتيه هذا المسؤُولُ بخطأٍ، وقد يكون الخطأُ كبيرًا يُخِلُّ بالحجِّ أَوْ يُفسده؛ لأَنَّ هذا الذي يُفتي على غير علمٍ لا يخاف اللهَ عز وجل، وإِلاَّ لو كان يخاف الله ويخشاه لمَّا أَفْتى بشيءٍ لا يعرفه، بلْ يقول: اسْأَلْ أَهْلَ العلم، ولا يجوز لأَحَدٍ أَنْ يتجرَّأَ على الفُتْيا وهو غير محسنٍ لمعرفة الحكم الشَّرعيِّ، الله جل وعلا ما قال:
([1])أخرجه: البخاري رقم (1755)، ومسلم رقم (1328).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد