×
دروس وفتاوى الحج

فيُتبِعُ المسلمُ أداءَ الفَرَائضِ بالذِّكرِ ولا يُتبِعُها بالغَفْلةِ والانشغالِ عن طاعةِ الله، أو يقولُ أنا أدَّيتُ الفريضةَ ويَكفي، بلْ يُتبِعُها بذِكرِ اللهِ سبحانه وتعالى.

ولهذا فالصَّلواتُ الخَمسُ تُتبَعُ بالذِّكرِ بعد السَّلام، كما ثَبَت ذلك في السُّنَّة، أنَّها تُتبَعُ بالاستغفارِ والتَّهْليل، وتُتْبَعُ أيضًا بالتَّسبيحِ والتَّحميدِ والتَّكبيرِ على حسْبِ ما وردَ في السُّنَّة، فالإنسانُ ينبغي له أنْ يكونَ دائمًا مع ذِكرِ الله، إمَّا بأداءِ واجبٍ أو فِعلِ مُستَحَب، أو ذِكر اللهِ بلسانِه بالاستغفارِ والتَّسبيحِ والتَّهليلِ والتَّكبير، ويَنبغِي أنْ يكونَ دائمًا مُتعلقًا بذِكرِ الله سبحانه وتعالى لا يغفُلُ عنِ الله.

فقوله تعالى: ﴿ فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَذِكۡرِكُمۡ ءَابَآءَكُمۡ أَوۡ أَشَدَّ ذِكۡرٗاۗ [البقرة: 200].

فكما أنَّ الإنسانَ يتعلَّقُ بوالديه، ودائمًا يَذكُر والدَيه لإحسانِهما إليه فإنَّ المُحسِنَ الأعظمَ هو اللهُ جل وعلا، يَنبغِي أنْ يتعلَّقَ باللهِ أكثر ممَّا يتعلَّقُ بالوَالدين؛ وذلك أنَّ الطفلَ إذا مسَّه شَيء من الضُّر، أو مِن الألم، أو من الخوفِ يُنادي والدَيه: يا أبتِ يا أمي. فكذلك المسلمُ يُنادي ربَّه سبحانه وتعالى، كُلَّما وقَع في كُرْبةٍ، كُلما وقَع في شِدَّة، كُلما وقَع في مَظْلمة، أو كُلَّما عَبَد اللهَ جل وعلا وأدَّى فرائضَه، قلبه مُتعلِّق بربِّه سبحانه وتعالى، ومن ذلك الحُجَّاج إذا أدَّوا المناسك فيُتبِعون ذلك بذِكرِ اللهِ ويكونُ أشدَّ من ذِكرِهم لآبائِهم.

قيل: المعنى أشدُّ من ذِكرِ الأطفالِ لآبائِهم إذا وقَعوا في شِدَّة أو وقَعُوا في ضِيق. وقيل: معنى ذلك أنَّهم كانوا في الجَاهليةِ إذا فَرَغوا من الحَجِّ فإنَّهم يَتفاخَرون بآبائِهم، كلُّ واحدٍ يَذكرُ مآثِرَ آبائِه في موسمِ الحجِّ أمامَ القبائل، فيَعتبرون الحَجَّ مَوْسِمًا لمَدحِ آبائِهم وأجدادِهم، 


الشرح