وتفاخرهم بقبائلِهم،
واللهُ جل وعلا أبطَلَ هذه العادةَ الجاهليةَ وأمَرَ المسلمين بأنْ يذكُروا اللهَ
بدَل أنْ يذكرُوا آباءَهم، المسلمين يَستبدِلون ذلك بذكرِ اللهِ سبحانه وتعالى
فهذا فيه استبدالُ ما كان عليه أهلُ الجاهليَّةِ من استغلالِ موسمِ الحَجِّ
للدِّعَايات السِّياسيَّة، أو الدِّعَايات القَبَلية كلٌّ يَذكُر قبيلته أو كلٌّ
يَذكُر دولتَه أو حِزبَه الذي ينتسبُ إليه، هذا من عَملِ الجَاهلية. الحج لم يشرع
لذلك، إنَّما شُرِع الحَجُّ لذِكرِ اللهِ سبحانه وتعالى، كما في الحديثِ «إِنَّما
جُعِل الطَّوافُ بِالبَيتِ، والسَّعيُ بَين الصَّفا والمَروَةِ، ورَميُ الجِمارِ -
لإِقامَةِ ذِكرِ الله عز وجل » ([1])، ولمْ يُجعَلِ
الحَجُّ موسمًا للتَّفاخُر وذِكرِ الأمجاد؛ لأنَّ هذا من أمورِ الجَاهليَّةِ التي
أبطَلَها الإسلام.
﴿ أَوۡ أَشَدَّ ذِكۡرٗاۗ ﴾ [البقرة: 200] اللهُ جل وعلا يَجِبُ أنْ يُذكَرَ أكثرَ
من ذِكرِ الآباء، وأكثرَ من ذِكرِ الأقارب؛ لأنَّ النِّعمَ كلَّها منه - سُبحانه
-، وهو ربُّنا، فيَجِبُ أنْ تتعلَّق قلوبُنا به، وأنْ تَلهَجَ ألْسِنتُنا بذِكرِه،
وتَسبيحِه وتَهليلِه ودعائِه والتَّضرُّعِ إليه، هكذا يَنبغي أن يكونَ المسلم.
ثُمَّ قال جل وعلا: ﴿ فَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَآ ءَاتِنَا فِي ٱلدُّنۡيَا ﴾ [البقرة: 200] هذا أيضًا من عاداتِ الجاهليَّة أنَّهم كانوا إذا فَرغُوا من الحَجِّ يدعون بأمورِ الدُّنيا، اللَّهم اجْعلْهُ عامَ خِصْبٍ، وعامَ خيرٍ وعامَ كلأٍ ومَطرٍ؛ لأنَّ همَّهم الدُّنيا، فيَطلبون من اللهِ أنْ يَجعلَ هذا العامَ عامًا مخصبًا، وأنْ يُعطيَهم من مصالحِ الدُّنيا، ولا يَطلبُون الآخِرة، أو يقولون: اللَّهم اغفرْ لنا، اللَّهُم ارحمْنا، اللهم أدخلْنا الجنَّةَ وأعِذْنا من النَّار، ما يذكرون الآخِرةَ إنَّما يَطلبون الدُّنيا ويدعون اللهَ بمصالحِ
([1])أخرجه: أبو داود رقم (902)، والترمذي رقم (1888)، وأحمد رقم (24351).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد