واللهُ جل وعلا
أمَرَ بالاستغفارِ في آخِر الليلِ في ختامِ قيامِ الليل؛ فإنَّ المسلمَ إذا قام من
اللَّيلِ وأدَّى الوترَ يَختِمُ ذلك بالاستغفارِ قال تعالى: ﴿ كَانُواْ قَلِيلٗا مِّنَ
ٱلَّيۡلِ مَا يَهۡجَعُونَ ١٧ وَبِٱلۡأَسۡحَارِ
هُمۡ يَسۡتَغۡفِرُونَ ﴾ [الذاريات: 17- 18]. يقومون من الليلِ ثُمَّ يَختِمون
ذلك بالاستغفارِ بالأسحارِ وقتَ السَّحَر، وأمرَ اللهُ نبيَّه صلى الله عليه وسلم
أنْ يختِمَ عُمرَه بالاستغفارِ، قال تعالى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
﴿ إِذَا جَآءَ نَصۡرُ ٱللَّهِ وَٱلۡفَتۡحُ ١ وَرَأَيۡتَ ٱلنَّاسَ يَدۡخُلُونَ فِي دِينِ ٱللَّهِ أَفۡوَاجٗا ٢ فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَٱسۡتَغۡفِرۡهُۚ إِنَّهُۥ كَانَ
تَوَّابَۢا ﴾ [النصر: 1- 3]. ﴿ كَذِكۡرِكُمۡ ءَابَآءَكُمۡ ﴾ [البقرة: 200]. قال بعضُ
المُفسِّرين: كانوا في الجاهليَّةِ إذا حَجُّوا وانتَهوا من مناسكِهم، يَقِفون
ويَفتخِرون بآبائِهم وقبائلِهم، كلٌّ يَمدحُ قبيلتَه ويَذكرُ آباءَه ومفاخرَهم،
ويَتفاخرون فيما بَينَهم بعدَ الحَجِّ، فكأنَّهم إنَّما جَاؤوا لأجْلِ إظهارِ
مكانتِهم ومدحِ آبائِهم وقبائلِهم، ما كأنَّهم جاؤوا لعبادةِ اللهِ سبحانه وتعالى،
فيَنتَهزُون اجتماعَ النَّاسِ في هذا الموسمِ لهذا الغَرَض، الَّذي ليسَ فيه نفعٌ
لهم لا في الدُّنيا ولا في الآخِرة، وإنَّما فيه العَجَبُ والتَّفاخُر والكِبْر،
فاللهُ أمَر بَدَل أنْ يَذكُروا آباءَهم ومفاخرَهم أنْ يذكرُوا اللهَ عز وجل، الذي
هو ربُّهم وخَالقُهم والمُنعِمُ عليهم بجلائلِ النِّعم، فهو أحقُّ أنْ يُذْكَرَ
ويُشْكَر، فاللهُ جل وعلا أبدلَ عادةَ الجاهليَّة في ختامِ المناسكِ بالمُفاخَرة،
أبدلَهُ بذِكرِ اللهِ عز وجل، وهذا الاجتماعُ وهذا المَوسمُ إنَّما شُرِع لأجْلِ
ذِكرِ اللهِ وشُكرِه والثَّناءِ عليه وعبادتِه، وفي ذلك الخيرُ للنَّاس، ويَرجِعُون
مغفورًا لهم كُفِّرَتْ عنهم سَيِّئاتُهم، ويَختِمُون عَملَهم بذِكرِ اللهِ سبحانه
وتعالى، هذا خيرُ عمل، واللهُ جل وعلا شَرعَ لعِبادِه بعدما يَفرَغون من حجِّهم،
أنْ يُكثِروا مِن ذِكرِ اللهِ جل وعلا، ويَشكُروه على نِعَمِه، ويَستغفرُوه من
ذنوبِهم وتقصيرِهم، هذا هو المطلوب.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد