وقال البعضُ الآخَرُ
من المفسرين معنى الآية ﴿
فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَذِكۡرِكُمۡ ءَابَآءَكُمۡ ﴾ [البقرة: 200].: أنَّ الطِّفلَ معروفٌ عنه أنَّه إذا
احتاجَ الشَّيءَ أو آذاه أَحدٌ، أنَّه يَستنجِد بآبائِه ليَنصرُوه؛ لأنَّه لا
يعلمُ أحدًا من الخَلقِ أقربَ إليه من آبائِه، وهذا شيءٌ معروفٌ عندَ الأطفال،
فاللهُ أمرَ المؤمنين أنْ يُظهِروا ضَعْفَهم لرَبِّهم وأنْ يَستغيثُوا به
ويَستنجِدوه، كما يستنجِدُ الطِّفلُ بأبوَيه لأنَّ حاجتَهم إلى ربِّهم أشدُّ من
حاجةِ الطِّفلِ إلى أبويه، وعلى كلٍّ اللهُ جل وعلا أمَر بذِكرِه بعد قضَاءِ
المناسك، والإكثارِ من ذلك، ﴿ أَوۡ أَشَدَّ ذِكۡرٗاۗ ﴾ [البقرة: 200]. فينبغي للمُسلمِ أن يلجأَ إلى اللهِ عز
وجل أشدَّ ممَّا يلجأُ هذا الطفلُ إلى والدَيه.
ثُمَّ ذَكر سبحانه
وتعالى أنَّ النَّاسَ بعدَ فَرَاغِهم من الحَجِّ يَنقسِمون إلى قِسْمين: قسمٍ ليسَ
له همٌّ في الآخِرة، وإنَّما يَسألُ من الدُّنيا فيَطلبُون من اللهِ أنْ يجعلَه
عامًا خَصِيبًا مُمْطرًا، ويَجعلَ فيه الخَصْبَ لمَوَاشيهم، وأنْ يَرزقَهم من
المال، ليسَ لهم همٌّ إلا الدُّنيا، ولا يَذكُرون الآخِرة ﴿ فَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَآ ءَاتِنَا فِي ٱلدُّنۡيَا وَمَا
لَهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِنۡ خَلَٰقٖ﴾ [البقرة: 200]. أي:
ما له نصيبٌ من الآخِرةِ ولا يَتذَكَّرها.
يَسألون اللهَ من
خَيْرَي الدُّنيا والآخِرة، لا يَقتصِرون على سُؤالِ الآخِرةِ فقط، ولا يَقتصِرون
على سؤالِ الدُّنيا فقط، وإنَّما يَجمعُون بينَ طَلبي الدُّنيا والآخِرة لأنَّهم
بحاجةٍ إلى الدُّنيا وبحاجةٍ إلى الآخِرة، والدُّنيا مَطيَّةُ الآخِرة، فإذا أصلحَ
اللهُ لك دُنياكَ وآخِرتَك فقد سَعِدتَ وقُرَّت عينُك، أمَّا إذا نسيتَ الآخِرةَ
واقتصرتَ على الدُّنيا فهذه خَسَارة، والدُّنيا زائلةٌ وما كتَبَ اللهُ لك في هذه
الدُّنيا سيأتي، وكذلك لا تَقتَصِرْ على الآخِرةِ وتنسى الدُّنيا، فأنت بحاجةٍ إلى
الدُّنيا لتَستعينَ بها على
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد