الآخِرة، وأنتَ بحاجةٍ إلى الرِّزقِ والصِّحة،
بحاجةٍ إلى كلِّ ما يَنفعُك ويُعينُك على طاعةِ اللهِ سبحانه وتعالى ﴿ وَٱبۡتَغِ فِيمَآ ءَاتَىٰكَ ٱللَّهُ ٱلدَّارَ ٱلۡأٓخِرَةَۖ وَلَا
تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ ٱلدُّنۡيَاۖ وَأَحۡسِن كَمَآ أَحۡسَنَ ٱللَّهُ إِلَيۡكَۖ
وَلَا تَبۡغِ ٱلۡفَسَادَ فِي ٱلۡأَرۡضِۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُفۡسِدِينَ ﴾ [القصص: 77].
فالمسلمُ يدعو ربَّه
لآخرتِه ولدُنياه، يسألُ اللهَ من خَيْرَي الدُّنيا والآخِرة، ولا سيَّما في هذه
الأيَّام، وفي هذا المكان، وعلى إثرِ العبادةِ وأداءِ المناسك؛ فإنَّ هذا مظنَّةُ
قَبولِ الدُّعاء، فعلى المسلمِ أنْ يغتنِمَ هذه الفُرصَةَ وأنْ يُكثِرَ من ذِكرِ
الله، ومن الدُّعاءِ وسؤالِ الله عز وجل، وأنْ يعترِفَ بتقصيرِه ولا يقُلْ: أنا
أدَّيتُ المناسكَ بل يَعترِفُ بتَقصيرِه؛ لأنَّه لا يدرِي هل تَقبَّل اللهُ منه،
ولا يَفتخِرَ بحَجِّه، مثل ما يفعل بعضُ النَّاسِ من تَلقيبِه بالحاجِّ فلان، هذا
من بابِ الافتخارِ وما يُدريكَ أنَّه حاج، هذا لا يَعلمُه إلاَّ اللهُ سبحانه
وتعالى، واللهُ جل وعلا يقول: ﴿ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلۡمُتَّقِينَ ﴾ [المائدة: 27]. ويقولُ جل وعلا: ﴿فَلَا تُزَكُّوٓاْ
أَنفُسَكُمۡۖ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَنِ ٱتَّقَىٰٓ﴾ [النجم: 32]. ولكن
المسلم يرجُو رحمةَ الله ولا يَيأسُ من رَوْحِ الله، أمَّا إنَّه يَكِلُ نَفسَه
ويَفتخِر بعبادتِه فهذا رُبَّما يُبطِلُ ثوابَه ورُبَّما يَرجِعُ بدونِ شَيء،
لكنَّه إذا اعترفَ بتَقصيرِه واستغفرَ اللهَ من ذنوبِه وذَكَر اللهَ عز وجل
وأظهَرَ فقرَه وحاجتَه إلى اللهِ فهذا حرِيٌّ أنْ يرجِعَ بالخيرِ الكثير.
فهكذا ينبغي
للمسلمين، وهم الآنَ في خِتامِ المَناسك، ينبغي لهم أنْ يُكثِروا من ذِكرِ اللهِ
عز وجل، بالتَّسبيحِ والتَّهليلِ والتَّكبيرِ والتَّحميدِ والاستغفار، وأن
يَهتمُّوا بهذا الأمرِ العظيم، وإذا كان الذي يعبدُ اللهَ يحتاجُ إلى الاستغفارِ
فكيفَ بالذي يَعصِي اللهَ ويُخالفُ أَمْرَه، هذا يحتاجُ إلى الاستغفارِ أكثر، إذا
كان العَابدُ المُصلِّي الحاجُّ والمُعتمِر مَأمورًا بالاستغفارِ بعدَ العبادات،
فكيفَ بالمُذنبِ والعَاصي المُقصِّر؛
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد