×
دروس وفتاوى الحج

فإنَّه أَوْلى بذلك، ونحن كذلك نحن المُذْنبون والمُقصِّرون والغَافلون، فنحنُ أولى بطلبِ المَغْفرة والعَفْو عن تقصيرِنا، وهذا فيه أيضًا أنَّ الإنسانَ لا يُكمِّلُ نفسَه، ولا يَظنُّ أنَّه أدَّى الحجَّ على الوجهِ المطلوبِ لكن يرجُو ذلك رَجاءً، أمَّا أنْ يَجزِمَ أنَّه أدَّى الحجَّ على الوجهِ المطلوب، فهذا غلطٌ وغرورٌ، فهو يَرجُو ذلك ويَخافُ من النَّقْص ﴿ وَٱلَّذِينَ يُؤۡتُونَ مَآ ءَاتَواْ وَّقُلُوبُهُمۡ وَجِلَةٌ أَنَّهُمۡ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ رَٰجِعُونَ [المؤمنون: 60]، فهذا فيه أنَّ الإنسانَ لا يُكمِّلُ نفسَه، ولا يُزكِّي عملَه، ولا يَدَّعي الكَمال، وإنَّما دائمًا يَعتبرُ نفسَه مقُصِّرًا في حقِّ الله، وهو كذلك، وهذا أكملُ الخَلقِ عبادةً للهِ نبيُّنا محمدٌ صلى الله عليه وسلم يقولُ لربِّه: «لاَ أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ» ([1]). فإذا كان الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم لا يُحصِي ما يَجِبُ عليه لله؛ أي لا يُحصِي ما يَستحِقُّ اللهُ من الثَّناءِ والحمدِ والشُّكر، قال تعالى: ﴿ وَإِن تَعُدُّواْ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ لَا تُحۡصُوهَآۗ [النحل: 18]، فإذا كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لا يُحصِي الثَّناءَ على اللهِ بل هو يَعتبِرُ نفسَه مُقصِّرًا في ذلك؛ فإنَّ غيرَه من بابِ أَوْلى، فعلينا جميعًا وعلى جميعِ المسلمين أنْ يُحافظوا على دِينِهم، وعلى عِباداتِهم وطاعتِهم لله، وعليهم أنْ يُكثِرُوا من الاستغفارِ والتوبةِ عن سيِّئاتِهم وتقصيرِهم في عباداتِهم، وأنْ لا يَغفُلَ المسلمُ عن ذِكرِ اللهِ على كلِّ حالٍ بالقلبِ واللسانِ وبالعمل، دائمًا يَذكرُ اللهَ عز وجل ﴿ وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيرٗا لَّعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ [الأنفال: 45]. ﴿ وَٱلذَّٰكِرِينَ ٱللَّهَ كَثِيرٗا وَٱلذَّٰكِرَٰتِ [الأحزاب: 35]. ومن علاماتِ المنافقين أنَّهم لا يَذكُرون اللهَ إلا قليلاً، فقِلَّةُ ذِكرِ اللهِ علامةٌ على النِّفاق، والإكثارُ من ذِكرِ اللهِ علامةٌ


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (486).