في اليومِ الثالث عَشَرَ فإنَّ وَقْتَ الرَّمْي
ينقضِي، وإذا غربَت فقد انتهَى وَقتُ الرَّمْي، ثُمَّ بعدَ ذلك لا عليكَ أَنْ
تَبِيتَ ليلةَ الرَّابِعَ عَشَرَ أوْ تَرْحَلَ، فالمَبِيتُ في هذه الليلةِ وما
بعدَها مُباحٌ، وليس لك فيه أَجْرٌ، كما لو بِتَّ في أيِّ مكانٍ؛ لأنَّ مناسِكَ
الحَجّ انتهت.
ثُمَّ قالَ سبحانه
وتعالى: ﴿
لِمَنِ ٱتَّقَىٰۗ﴾ [البقرة: 203] ليس المُهِمُّ أنَّك تَتعَجَّلُ أو
تتأخَّرُ، المُهِمُّ تَقوَى اللهِ سبحانه وتعالى، أنْ تخافَ مِن اللهِ، وأن
تُكمِلَ المَناسكَ على الوَجْهِ الذي أمركَ اللهُ به، وأنْ تُخلِصَ النِّيَّةَ
للهِ عز وجل، هذا هو المُعتَبرُ.
والتَّقوَى: هي
فِعلُ أوامِرِ اللهِ وَتَرْكُ ما نَهَى اللهُ عنهُ، والاستقامةُ على دِينِ الله.
سُمِّيَ ذلك بالتَّقوَى مِنَ الوِقايَةِ؛ لأنَّ هذا يقيكَ مِن عذابِ اللهِ ومِن
غَضَبِ اللهِ سبحانه وتعالى، فالتَّقوَى هي فِعلُ مَا أمرَ اللهُ - تعالى - به
وتَركُ ما نَهَى اللهُ - تعالى - عنه، طاعةً للهِ وامتثالاً لأمْرِهِ ونَهيِه،
فمَن فَعلَ ذلك فقدْ وَقَى نفسَهُ مِن عذاب الله عز وجل.
ثُمَّ قالَ عز وجل،
مؤكدًا هذا المعنى: ﴿
وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ﴾ [البقرة: 203].
كرَّرَ الأمْرَ بالتَّقْوَى في هذا الموضعِ، وفي غيرِهِ مِن القُرآنِ الكريمِ،
ويُبيِّنُ اللهُ ما للمُتَّقِينَ مِن جَزِيلِ الثَّوابِ والأجْرِ عِندَهُ؛ لأنَّ
المطلوبَ مِن العبادةِ هو تقوَى اللهِ سبحانه وتعالى مِن العِباد، في جميعِ
أُمُورِهم، وفي عباداتِهم وعاداتِهم ومعاملاتِهم، وفي جميعِ شُؤونِهم، أن
يُراقِبُوا اللهَ جل وعلا وَيتَّقُوهُ؛ فلا يَتركُونَ واجبًا ولا يفعلونَ
مُحرَّمًا.
﴿ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّكُمۡ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ ﴾ [البقرة: 203].
اعلموا: تَيقَّنُوا أنَّكم إلى الله جل وعلا تُحشرونَ: تُجْمَعُونَ بعد الموتِ في
صَعِيدٍ واحدٍ، الأوَّلُونَ والآخِرُونَ لا يَتخلَّف أحدٌ، قال تعالى: ﴿ وَحَشَرۡنَٰهُمۡ فَلَمۡ
نُغَادِرۡ مِنۡهُمۡ أَحَدٗا ﴾ [الكهف: 47].
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد