ثُمَّ أيضًا - أيُّها الإخوةُ - الواجبُ على
المُسلم أنْ يُتقِنَ العملَ، وأنْ يُتمِّمَهُ وأَنْ يُحسِنَهُ؛ حتَّى يكونَ
مقبولاً عِندَ اللهِ عز وجل، قال الله تعالى﴿ وَأَتِمُّواْ ٱلۡحَجَّ وَٱلۡعُمۡرَةَ لِلَّهِۚ
﴾ [البقرة: 196]. فلا
يكونُ الحجُّ ناقِصًا بل يكونُ تامًّا بِمَناسكِهِ، وإذا حصلَ مِن الإنسانِ
مُخالَفةٌ في تَركِ واجبٍ أو فِعْلِ مَحظُورٍ فإنَّهُ يُتَمِّمُ ذلكَ بِفِدْيَةِ
الجُبْرانِ، سُمِّيَت جُبْرانًا؛ لأنَّها تَجبُر النَّقصَ الذي حَصلَ، وهذا مِن
إِتمامِ الحَجِّ، فإذا حَصَلَ مِنَ الإنسانِ نَقْصٌ في حَجِّهِ بِفِعْلِ مَحظُورٍ
مِن مَحظُوراتِ الإِحرامِ، أَوْ بِتَرْكِ واجبٍ مِن واجباتِ الحَجِّ فعَلَيْهِ أنْ
يَجْبُرَ ذلك بالفِدْيَةِ، ولا يَتْرُك هذا النَّقْصَ بِدُونِ جُبْرانٍ، ثُمَّ
أيضًا إذا وَفَّقَهُ اللهُ، وَأتَمَّ حَجَّهُ؛ فإنَّهُ يُتْبِعُ ذلك بالاستغفارِ
واللهُ جل وعلا يقول: ﴿
ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنۡ حَيۡثُ أَفَاضَ ٱلنَّاسُ وَٱسۡتَغۡفِرُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ
ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ ١٩٩ فَإِذَا قَضَيۡتُم
مَّنَٰسِكَكُمۡ فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَذِكۡرِكُمۡ ءَابَآءَكُمۡ أَوۡ أَشَدَّ
ذِكۡرٗاۗ فَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَآ ءَاتِنَا فِي ٱلدُّنۡيَا
وَمَا لَهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِنۡ خَلَٰقٖ ﴾ [البقرة: 199- 200]. فيُكثِرُ الإنسانُ مِن الاستغفارِ
بعدَ نِهايَةِ المَناسكِ، ويُكْثِر مِن ذِكْرِ اللهِ عز وجل وشُكْرِهِ والثَّناءِ
عليْهِ وتَعظيمِهِ؛ فإنَّ العبادةَ تُتْبَعُ بالشُّكْرِ، وتُتْبَعُ بالحَمْدِ
والثَّناءِ، وتُتْبَعُ بِذكْرِ اللهِ وبالاستغفارِ؛ لأنَّ الاستغفارَ يَجبُرُ ما
يَحصُلُ مِنَ النَّقصِ، قد يكونُ هناكَ نَقصٌ لا يَشعُرُ بِهِ الإنسانُ وَغَفْلَةٌ
مِنهُ، فَيَتدارَك ذلك بالاستغفارِ، هذا هو شَأنُ المُسلمِ، أيضًا يخافُ الإنسانُ
مِن عدَمِ القَبُولِ؛ فيَسألُ اللهَ القَبُولَ، ولا يُعْجَبُ بِحَجِّهِ؛ لأنَّهُ
لا يَدرِي لَعلَّهُ لم يُقْبَلْ، لعلَّهُ حَصَلَ فيه خَلَلٌ، أو حَصلَ فِيهِ شَيءٌ
مِن الرِّياءِ، أو مِنَ السُّمْعَةِ أو مِنَ التَّقصيرِ، فَيكونُ عَملُهُ
مَردُودًا، واللهُ جل وعلا يقولُ: ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلۡمُتَّقِينَ ﴾ [المائدة: 27]. وكان السَّلفُ الصَّالِحُ يَعملونَ
العَمَلَ، ويَجتهدُونَ فِيهِ ثُمَّ يُصِيبُهم الهَمُّ،
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد