هل يُقْبَلُ مِنهم أمْ لم يُقْبَلْ؟ وهذا مذكورٌ
في قوله تعالى: ﴿
وَٱلَّذِينَ يُؤۡتُونَ مَآ ءَاتَواْ وَّقُلُوبُهُمۡ وَجِلَةٌ
أَنَّهُمۡ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ رَٰجِعُونَ ﴾ [المؤمنون: 60]. قالت عائشة
رضي الله عنها للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «يَا رَسُولَ اللهِ أَهُمُ
الَّذِينَ يَزْنُونَ وَيَسْرِقُونَ، وَيَخَافُونَ أَنْ يُعَذَّبُوا؟ قالَ: «لاَ
يَا ابْنَةَ الصِّدِّيقِ، وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَعْمَلُونَ الأَْعْمَالَ
الصَّالِحَةَ، وَيَخَافُونَ أَنْ تُرَدَّ عَلَيْهِمْ» ([1])، فإذا كانَ هذا
شَأْنَ الَّذينَ يَعملُونَ الأعمالَ الصَّالِحةَ، يُصيبهم الوجَلُ والخوفُ مِنَ
اللهِ عز وجل ولا يُعجَبُونَ بأعمالِهِم، ويَخافُونَ أَنْ تُرَدَّ عليهِم، فكيفَ
بالَّذِي يَعملُ السَّيِّئاتِ والذُّنوبَ، ولا يَخافُ.
الواجبُ علينا
جميعًا أن نَخافَ مِن أَنْ تُرَدَّ علينا أعمالُنا، ولنا ذُنوبٌ نستغفِرُ اللهَ
مِنها، وعندنا تقصيرٌ في أداءِ العبادة، نستغفِرُ اللهَ مِنه، هذا هو شأنُ
المسلمِ: أنَّهُ يُعقِبُ العبادةَ بالاستغفارِ، ويُعقِبُها بالتَّوبةِ، ويُعقِبُها
بذِكْرِ اللهِ عز وجل، ويُتْبِعُ الطَّاعةَ بالطَّاعةِ، ويُواصِلُ العملَ بالعملِ،
ولا يَفْتُرُ عن ذِكْرِ اللهِ وعَن طاعتهِ. هذا شأنُ المسلمِ دائمًا هو في عملٍ
صالحٍ، ودائمًا في استغفارٍ وتوبةٍ، ودائمًا في خوفٍ منَ الله عز وجل مع رجاءِ ثوابهِ
سبحانه وتعالى، يخافُ ويرجُو، هذا شأنُ المُسلمِ.
فالَّذِي يَقتصِرُ على الخوفِ دونَ الرَّجاءِ هذا قانِطٌ مِن رَحمةِ اللهِ، والَّذِي يقتصرُ على الرَّجاءِ دونَ الخوفِ هذا آمِنٌ مِن مَكْرِ اللهِ، فالمسلمُ يجمَعُ بينَ الخوفِ والرَّجاءِ، كما هو شأنُ الأنبياءِ والصَّالِحينَ، يَدعُونَ رَبَّهم خوفًا وطمَعًا: خوفًا من عقابِ اللهِ وطمَعًا في ثوابِ اللهِ عز وجل، قال تعالى: ﴿ إِنَّهُمۡ كَانُواْ يُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِ وَيَدۡعُونَنَا رَغَبٗا وَرَهَبٗاۖ وَكَانُواْ لَنَا خَٰشِعِينَ ﴾ [الأنبياء: 90]. هذا شأنُ الأنبياءِ - عليهم الصَّلاةُ
([1])أخرجه: الترمذي رقم (3175)، وابن ماجه رقم (4198)، وأحمد رقم (25263).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد