وإمساكُ السَّيرِ له بغيرِ اختيارهِ، أمَّا إِن
غرَبَتِ الشَّمسُ، ولم يَرحلْ، ولَم يحمِلْ ما مَعه مِن مَتاعٍ فإنَّه يَبقَى؛
فَيبِيتُ ليلةَ الثالث عشر ويرمِي الجمارَ فِي اليومِ الثَّالثَ عشرَ بعدَ
الظُّهرِ، أو بعدَ العصرِ، ويكونُ هذا أَفْضَلَ؛ لأنَّهُ استكملَ الأيَّامَ
بالمَبِيتِ بِمِنَى والبَقاءِ فيها والصَّلَواتِ فِيهَا ورَمْي الجِمارِ كامِلةً
في الأيَّامِ الثلاثةِ، وهذا هو الذي فعلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لكِن
لا يُؤخِّرِ الرَّمْيَ إلى ما بعدَ الغروبِ؛ لأنَّهُ بغُروبِ الشَّمسِ يَوْمَ
الثالثَ عشَرَ يَنتَهِي الحَجُّ، فلا يُؤخِّرِ الرَّمْيَ عن غُروبِ الشَّمسِ كما
في الأيَّامِ التي قَبلَهُ.
ثُمَّ - أيُّها
الإخوةُ - تَذكَّرُوا قولَ اللهِ تعالى: ﴿ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّكُمۡ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ ﴾ [البقرة: 203].
والتقوى معناها: أن تجعلَ وِقايَةً بَينكَ وبينَ عذابِ اللهِ، وهذه الوقايةُ
بِطاعةِ اللهِ وتَرْكِ ما نَهَى اللهُ عنهُ، هذه هي الوِقايَةُ التي تَقِيكَ مِن
عذابِ اللهِ، العَمَلُ بطاعةِ اللهِ وتَرْكُ معصيةِ الله، لا يقيك مِنَ النَّارِ
إِلاَّ هذا، وهذه وَصِيَّةٌ مِنَ اللهِ لكَ فِي أيِّ مكانٍ كُنْتَ، ليس في مكَّةَ
فَقَطْ، بل في أيِّ مكانٍ كُنْتَ، ما دُمتَ حَيًّا، قالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه
وسلم: «اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ» ([1])، فلا يقولُ
الإنسانُ: ما دُمْتُ فِي مكَّةَ فأنا أتَّقِي اللهَ، وإذا خرجتُ مِن مكَّةَ
انتَهَى العَملُ، وفُسِحَ لي. لا يا أخِي، التَّقوَى تُلازِمُ المُؤمِنَ إِلَى أنْ
يَموتَ، وهُوَ يَتَّقِي اللهَ بِفِعْلِ أوامِرِه وتَرْكِ نواهِيه في أيِّ مكانٍ.
ثُمَّ قالَ تعالى: ﴿ وَٱعۡلَمُوٓاْ ﴾ أي: تَيَقَّنُوا أنَّكُم إليهِ تُحشَرُونَ أي تُجْمَعُونَ يَوْمَ القيامَةِ، فاستَعِدُّوا لذلك. ولَعلَّ المُناسبَةَ في خِتامِ آياتِ الحَجِّ بهذِهِ الآيةِ أنَّ الحجَّ فيهِ اجتماعٌ عظيمٌ وزحامٌ شديدٌ؛ فَهُو يُذَكِّرُ
([1])أخرجه: الترمذي رقم (1987)، والدارمي رقم (2791)، وأحمد رقم (21354).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد