وأَمَّا الاستمرارُ
إِلى غروب الشَّمس فهو واجبٌ مِنْ واجبات الحجِّ، ولماذا يكون واجبًا؟ لأَنَّ
النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وقَف بعَرَفَةَ مِن زوال الشَّمس إِلَى أَنْ
غَرَبَتْ، ثُمَّ انصرف وأَذِنَ لأَصْحابِه بالانصراف، وقال: «خُذُوا عَنِّي
مَنَاسِكَكُمْ»، ولو كان الانصرافُ قبلَ الغروبِ جائزًا لبيَّنه صلى الله عليه
وسلم لأَصْحابِه؛ لأَنَّه قد بلَّغ البلاغَ المبينَ، ولم يَتْرُكْ شيئًا مِن أُمور
الدِّين إِلاَّ وقدْ وضَّحه وبيَّنه، ولم يَرِدْ أَنَّه رخَّص لأَحَدٍ أَنْ ينصرفَ
قبلَ الغروب؛ ولذلك كان الاستمرارُ بالوقوف إِلَى غروب الشَّمس بعَرَفَةَ واجبًا
مِن واجبات الحجِّ، فإِذَا انصرف قبلَ الغروبِ فإِنَّه يَعُودُ ويَقِفُ إِلَى
الغروب وليس عليه شيءٌ؛ لأَنَّه اسْتَدْرَكَ، أَمَّا إِذَا لمْ يَعُدْ واستمرَّ
منصرفًا ولمْ يَعُدْ فيكون عليه فِدْيَةٌ؛ لأَنَّ مَنْ ترَك واجبًا مِن واجبات
الحجِّ فعليه فِدْيَةُ جُبْرَانٍ لتَرْكِ الواجب.
وأَمَّا أَنَّ
أَحَدًا مِن العلماءِ قال بجواز الانصراف قبلَ الغروب فلا أَعْلمُه، لكِنْ لو قال
به أَحَدٌ، فلا حُجَّةَ بقولِه، الحُجَّةُ بسُنَّةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم
التي بيَّنها لنا بقوله: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» ([1])، وبفِعْلِه حيث
وقَف إِلَى أَنْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وكلٌّ يُؤْخَذُ مِن قولِه ويُرَدُّ إِلاَّ
رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
السُّؤَالُ (535): إِذَا خرَج شخصٌ
مِن عَرَفَاتٍ قبلَ غروب الشَّمس بوقتٍ، هلْ يَبْطُلُ حَجُّه؟
الجوابُ: لا يبطل حجُّه؛
لأَنَّه حصَل منه الوقوف، لكنَّه ترَك واجبًا مِن واجبات الحَجِّ وهو الاستمرارُ
إِلَى غروب الشَّمس، فيكون عليه فِدْيَةٌ، يذبح فِدْيَةً يَجْبُرُ هذا النَّقْصَ
وحَجُّه صحيحٌ إِنْ شاءَ الله.
السُّؤَالُ (536): ما حُكْمُ مَنْ
دخَل عَرَفَةَ السَّاعةَ الواحدةَ ظُهْرًا وخرَج مِنْ عَرَفَةَ السَّاعةَ الخامسةَ
عَصْرًا قبلَ غروب الشَّمس، فهلْ عليه دمٌ، وإِنْ عاد بعد العِشاءِ إِلَى
عَرَفَاتِ لحظاتٍ فهلْ يُجْزِئُ؟
الجوابُ: إِذَا عاد إِلَى عَرَفَةَ بعد غروب الشَّمس أَجْزَأَ؛ لأَنَّه جمَع في وقوفه بين ليلٍ ونهارٍ، أَمَّا إِذَا لمْ يَعُدْ فإِنَّه يكون عليه فِدْيَةٌ؛ لأَنَّه ترَك واجبًا مِن واجبات الحَجِّ، وهو البقاءُ إِلَى غروب الشَّمس.
([1])أخرجه: مسلم رقم (1297).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد